وقال أبو زبيد:
صاديا يستغيث غير مغاث، ولقد كان عصرة المنجود أي كان ملجأ المكروب. قال الأزهري: ما علمت أحدا من القراء المشهورين قرأ يعصرون، ولا أدري من أين جاء به الليث، فإنه حكاه، وقيل: المعصر السحابة التي قد آن لها أن تصب، قال ثعلب: وجارية معصر منه، وليس بقوي. وقال الفراء: السحابة المعصر التي تتحلب بالمطر ولما تجتمع مثل الجارية المعصر قد كادت تحيض ولما تحض، وقال أبو حنيفة: وقال قوم: إن المعصرات الرياح ذوات الأعاصير، وهو الرهج والغبار، واستشهدوا بقول الشاعر:
وكأن سهل ء المعصرات كسوتها ترب الفدافد والبقاع بمنخل وروي عن ابن عباس أن قال: المعصرات الرياح وزعموا أن معنى من، من قوله: من المعصرات، معنى الباء الزائدة (* قوله: الزائدة كذا بالأصل ولعل المراد بالزائدة التي ليست للتعدية وإن كان للسببية). كأنه قال: وأنزلنا بالمعصرات ماء ثجاجا، وقيل: بل المعصرات الغيوم أنفسها، وفسر بيت ذي الرمة:
تبسم لمح البرق عن متوضح، كنور الأقاحي، شاف ألوانها العصر فقيل: العصر المطر من المعصرات، والأكثر والأعرف: شاف ألوانها القطر. قال الأزهري: وقول من فسر المعصرات بالسحاب أشبه بما أراد الله عز وجل لأن الأعاصير من الرياح ليست من رياح المطر، وقد ذكر الله تعالى أنه ينزل منها ماء ثجاجا. وقال أبو إسحق:
المعصرات السحائب لأنها تعصر الماء، وقيل: معصرات كما يقال أجن الزرع إذا صار إلى أن يجن، وكذلك صار السحاب إلى اين يمطر فيعصر، وقال البعيث في المعصرات فجعلها سحائب ذوات المطر: وذي أشر كالأقحوان تشوفه ذهاب الصبا، والمعصرات الدوالح والدوالح: من نعت السحاب لا من نعت الرياح، وهي التي أثقلها الماء، فهي تدلح أي تمشي مشي المثقل. والذهاب: الأمطار، ويقال:
إن الخير بهذا البلد عصر مصر أي يقلل ويقطع.
والإعصار: الريح تثير السحاب، وقيل: هي التي فيها نار، مذكر.
وفي التنزيل: فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت، والإعصار: ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق، وقيل: هي التي فيها غبار شديد. وقال الزجاج:
الإعصار الرياح التي تهب من الأرض وتثير الغبار فترتفع كالعمود إلى نحو السماء، وهي التي تسميها الناس الزوبعة، وهي ريح شديدة لا يقال لها إعصار حتى تهب كذلك بشدة، ومنه قول العرب في أمثالها: إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا، يضرب مثلا للرجل يلقى قرنه في النجدة والبسالة. والإعصار والعصار: أن تهيج الريح التراب فترفعه. والعصار: الغبار الشديد، قال الشماخ:
إذا ما جد واستذكى عليها، أثرن عليه من رهج عصارا وقال أبو زيد: الإعصار الريح التي تسطع في السماء، وجمع الإعصار أعاصير، أنشد الأصمعي:
وبينما المرء في الأحياء مغتبط، إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير