لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ١٢
هو الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها، وهو ضد المقدم، والأخر ضد القدم. تقول:
مضى قدما وتأخر أخرا، والتأخر ضد التقدم، وقد تأخر عنه تأخرا وتأخرة واحدة، عن اللحياني، وهذا مطرد، وإنما ذكرناه لأن اطراد مثل هذا مما يجهله من لا دربة له بالعربية.
وأخرته فتأخر، واستأخر كتأخر. وفي التنزيل: لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وفيه أيضا: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين، يقول: علمنا من يستقدم منكم إلى الموت ومن يستأخر عنه، وقيل: علمنا مستقدمي الأمم ومستأخريها، وقال ثعلب: علمنا من يأتي منكم إلى المسجد متقدما ومن يأتي متأخرا، وقيل: إنها كانت امرأة حسناء تصلي خلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيمن يصلي في النساء، فكان بعض من يصلي يتأخر في أواخر الصفوف، فإذا سجد اطلع إليها من تحت إبطه، والذين لا يقصدون هذا المقصد إنما كانوا يطلبون التقدم في الصفوف لما فيه من الفضل. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: أخر عني يا عمر، يقال: أخر وتأخر وقدم وتقدم بمعنى، كقوله تعالى: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله، أي لا تتقدموا، وقيل: معناه أخر عني رأيك فاختصر إيجازا وبلاغة. والتأخير: ضد التقديم.
ومؤخر كل شئ، بالتشديد: خلاف مقدمه. يقال: ضرب مقدم رأسه ومؤخره. وآخرة العين ومؤخرها ومؤخرتها: ما ولي اللحاظ، ولا يقال كذلك إلا في مؤخر العين. ومؤخر العين مثل مؤمن: الذي يلي الصدغ، ومقدمها: الذي يلي الأنف، يقال: نظر إليه بمؤخر عينه وبمقدم عينه، ومؤخر العين ومقدمها: جاء في العين بالتخفيف خاصة.
ومؤخرة الرحل ومؤخرته وآخرته وآخره، كله: خلاف قادمته، وهي التي يستند إليها الراكب. وفي الحديث: إذا وضع أحدكم بين يديه مثل آخرة الرحل فلا يبالي من مر وراءه، هي بالمد الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير. وفي حديث آخر: مثل مؤخرة، وهي بالهمز والسكون لغة قليلة في آخرته، وقد منع منها بعضهم ولا يشدد. ومؤخرة السرج: خلاف قادمته. والعرب تقول: واسط الرحل للذي جعله الليث قادمه. ويقولون: مؤخرة الرحل وآخرة الرحل، قال يعقوب: ولا تقل مؤخرة. وللناقة آخران وقادمان: فخلفاها المقدمان قادماها، وخلفاها المؤخران آخراها، والآخران من الأخلاف: اللذان يليان الفخذين، والآخر: خلاف الأول، والأنثى آخرة. حكى ثعلب: هن الأولات دخولا والآخرات خروجا. الأزهري: وأما الآخر، بكسر الخاء، قال الله عز وجل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن.
روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال وهو يمجد الله: أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ. الليث: الآخر والآخرة نقيض المتقدم والمتقدمة، والمستأخر نقيض المستقدم، والآخر، بالفتح: أحد الشيئين وهو اسم على أفعل، والأنثى أخرى، إلا أن فيه معنى الصفة لأن أفعل من كذا لا يكون إلا في الصفة.
والآخر بمعنى غير كقولك رجل آخر وثوب آخر، وأصله أفعل من التأخر، فلما اجتمعت همزتان في حرف واحد استثقلتا فأبدلت الثانية ألفا لسكونها وانفتاح الأولى قبلها. قال الأخفش: لو جعلت في الشعر آخر مع جابر لجاز، قال ابن جني: هذا هو
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست