مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٤٢
حسنات إلى غير ذلك واما كونه طهورا مطلقا فيفهم من قوله (ع) في بعض الروايات اي وضوء أطهر من الغسل ومما ورد من استحباب الغسل بماء الفرات على الاطلاق وفيه تأمل لكن لا تأمل في جوازه من باب الاحتياط العقلي وتوهم شبهة التشريع أو عدم امكان قصد التقرب مع الشك في مطلوبيته قد عرفت دفعه في مبحث النية والله العالم مسائل اربع الأولى ما يستحب من الأغسال للفعل اما ان يكون الفعل سببا له كقتل الوزغ والسعي إلى رؤية المصلوب اما ان يكون الفعل غاية له اما الأول فوقته بعد حصول السبب من دون توقيت أو تضييق الا ان نقول يكون الامر للفور العرفي وهو في حيز المنع فالأظهر بقاء مطلوبيته مطلقا ما دام العمر إلى أن يتحقق الامتثال أو ما هو بمنزلته في اسقاط الطلب واما ما كان الفعل غاية له بان كان المقصود بالغسل التوصل إلى ايجاد ذلك الفعل متطهرا كغسل صلاة الحاجة ونحوها و كذا الاغتسال المسنونة لشرافة المكان بل مآل هذا القسم في الحقيقة إلى ما تقدمه فان المطلوب شرعا هو الغسل لدخول ذلك المكان متطهرا وكيف كان ففي هذين القسمين يقدم الغسل عليهما كما هو واضح مضافا إلى شهادة النصوص والفتاوى بذلك لكن قد يظهر من بعض النصوص شرعية غسل المكان بعد الدخول فيه مثل حسنة معاوية بن عمار المتقدمة إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل ان تدخلها أو حين تدخلها ورواية أبان بن تغلب المروية عن حج التهذيب وفى ذيلها ولو لم يتمكن من الغسل عند دخول الحرم فليؤخره إلى أن يتمكن قبل دخول مكة فإن لم يتمكن جاز ان يغتسل بعد دخول مكة وعن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قال إذا انتهيت إلى الحرم انشاء الله فاغتسل حين تدخل وان تقدمت فاغتسل من بئر ميمون أو من فخ أومن منزلك بمكة وخبر ذريح سئلته عن الباقر (ع) عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله قال لا يضرك أي ذلك فعلت وان اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس وربما يتكلف في توجيه هذه الروايات بحمل الحسنة على إرادة الغسل عند دخول المدينة بلا فصل أو معه وحمل ساير الروايات على إرادة الغسل لدخول الكعبة أو المسجد أو غير ذلك وفيه مالا يخفى من مخالفة الظاهر خصوصا في خبر ذريح وعن بعضهم تنزيل هذه الروايات على الضرورة وفيه ان خبر ذريح كالصريح في خلافه واضعف منه توهم كونه قضاء فإنه بعد فرض كونه مطلوبا لأجل الدخول في المكان لا يعقل الامر بتداركه بعد تحقق ذي المقدمة اللهم الا ان يلتزم بكون الغسل في هذه الموارد مطلوبا نفسيا فلا مقتضى ح للالتزام بكونه قضاء بعد قضاء الدليل بجواز ايجاده قبل الدخول أو بعده والأوفق بالقواعد هو الاخذ بظواهر الروايات والالتزام في موارد الثبوت بان المطلوب شرعا هو كون المكلف في ابتداء نزوله في هذه الأماكن المشرفة متطهرا اما من حين وروده أو بعده بلا فصل يعتد به وليس ذلك تخصيصا للقاعدة العقلية التي أشرنا إليها من أنه إذا كان الغسل مطلوبا لأجل التوصل إلى ايجاد فعل أو دخول مكان متطهرا يجب ان يتقدمه وكيف كان فلا اشكال في جواز تقديم غسل الفعل والمكان عليهما وانما الاشكال في مقامين أحدهما في تحديد المقدار الذي يجور فيه التقديم ثانيهما في تشخيص ما ينتقص به هذه الأغسال اما المقام الأول فنقول القدر المتيقن الذي لا ينبغي التأمل فيه مع قطع النظر عن الأدلة الخارجية من نص أو اجماع انما هو جواز الفصل بين هذه الأغسال وغاياتها بما يقضى به العرف و العادة في امتثال مثل هذه الأوامر كساعة أو ساعتين أو ما يقربهما واما في ما زاد على ذلك تأمل وقد جزم في الجواهر بعدم الاجتزاء به مع الفصل بالزمان الطويل كاليومين والثلاث فصاعدا بدعوى ظهور الأدلة أو صراحتها في عدمه ككلام الأصحاب وقال بل ربما يظهر من ملاحظة الأدلة إرادة الاتصال العرفي بالغسل والفعل فلا يعتبر التعجيل والمقارنة كما لا يجتزى بمطلق التراخي انتهى وفيه انه لا ظهور في الأدلة فضلا عن صراحتها في عدم الاجتزاء به مع الفصل نعم لا يبعد دعوى ظهور بعضها في إرادة الاتصال العرفي لكن لا على نحو الاشتراط بل لجريها مجرى العادة ولذا اعترضه شيخنا المرتضى بان فعل الغسل لأجل فعل لا يعتبر فيه لغة ولا عرفا الاتصال العرفي بينهما بل المفهوم عرفا هو اعتبار بقاء الأثر المقصود من الغسل إلى وقت الفعل نظير قول الامر تنظف لفعل كذا انتهى لكنك خبير بأنه لا إحاطة لنا بذلك الأثر ولا طريق لنا إلى احرازه حين الشك حتى ندور مداره وجودا وعدما فالواجب هو الاقتصار على القدر المتيقن الذي يفهم من الأدلة السمعية بقائه لكن قد يقال إن مقتضى الأصل ابقاء ذلك الأثر إلى أن يعلم ارتفاعه فعند الشك يعمل بالاستصحاب وفيه انه انما يتجه ذلك فيما إذا كان الشك مسببا عن احتمال وجود المزيل ذاتا أو وصفا كما لو شك في بقائه لأجل الشك في حدوث الحدث أو ناقضية الحادث واما الشك في كون الفصل الطويل مخلا فمنشأه الشك في مقدار قابلية الأثر للبقاء وقد تقرر في محله ان الاستصحاب في مثل الفرض ليس بحجة فظهر لك ان مقتضى القاعدة هو الاقتصار في الفصل على المقدار الذي يفهم من الأدلة جوازه فتجويزه فيما زاد على القدر المتيقن الذي نبهنا عليه يحتاج إلى دليل وقد يستظهر من صحيحة جميل الاجتزاء بغسل اليوم الليل وعكسه فإنه روى عن الصادق عليه السلام أنه قال غسل يومك يجزيك لليلتك وغسل ليلتك يجزيك ليومك ومقتضى اطلاقها بقاء اثر الغسل يوما وليلة كما عن الصدوق الافتاء بذلك ويدل عليه أيضا رواية اسحق الآتية لكن قد يشكل ذلك بما عن المشهور من تحديده بيوم الغسل وليله كما يشهد له المعتبرة المستفيضة كصحيحة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قال غسل يومك ليومك وغسل ليلك لليلك ورواية أبي بصير قال
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 448 449 ... » »»