النسبة ليس خلافا فيما نحن فيه ويجب عنده الطلب والفحص اجماعا كما عن جماعة نقله ويدل عليه مضافا إلى ما عرفته من الاجماعات المستفيضة وامكان استفادته من الكتاب وما ستعرفه من خبر السكوني وغيره قاعدة الاشتغال القاضية بوجوب تحصيل القطع بالخروج من عهدة التكليف بالصلاة مع الطهور المتوقف على احراز العجز عن الطهارة المائية الذي هو شرط في طهورية الترابية لا يقال إن القدرة على الطهارة المائية شرط في تعلق التكليف بها فما لم يحرز القدرة ينفى وجوبها بأصل البراءة فيتعين الترابية لأنا نقول أولا ان أصل البراءة عن التكليف لا يجدي في احراز العجز عن المائية الذي هو شرط في صحة الترابية وثانيا ان القدرة على امتثال التكاليف من الشرائط العقلية التي لا يرجع عند الشك فيها إلى البراءة كما تقدم تحقيقه غير مرة بل لابد في مقام الشك من السعي في مقدمات الامتثال حتى يتبين العجز أو يتحقق الامتثال فما عن المحقق الأردبيلي من استحباب الطلب ضعيف والاستدلال له بالأخبار الآتية النافية لوجوب الطلب والفحص ستعرف ما فيه ولا يجديه اطلاقات طهورية التراب وبدليته من الماء بعد وضوح كونه بدلا اضطراريا لا يتحقق شرعيته الا عند تحقق الضرورة ثم إن مقتضى ما عرفت انما هو وجوب الطلب والفحص مع الرجاء مطلقا ما لم يبلغ مرتبه الحرج والمشقة الرافعة للتكليف أو يتحقق مانع اخر من وجوب الفحص كضيق الوقت أو خوف طريق الطلب أو التخلف عن الرفقة أو غير ذلك من الاعذار المانعة من التكليف كما يظهر اختياره من المدارك ومحكى المعتبر ويدل عليه مضافا إلى ما عرفت حسنة زرارة عن أحدهما (ع) قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل لكن في حاشية المحقق البهبهاني على المدارك هذه الرواية وردت باسناد اخر فليمسك بدل فليطلب انتهى فعلى هذا يكون دليلا لعدم جواز البدار لأولي الاعذار لا لما نحن فيه و * (وكيف) * كان فالأظهر أوسعية الامر من ذلك وعدم وجوب انتهاء الطلب إلى هذا الحد على الاطلاق بل الواجب على المسافر الفاقد للماء في الفلوات المتمكن من الفحص الذي لا يعذر في تركه لضيق الوقت أو خوف الطريق ونحوه هو السعي فيما حوله في الجملة على وجه يحصل له الوثوق بتعذر تحصيل الماء فيما يقرب منه من نواحيه فيضرب في الأرض غلوة سهمين في كل جهة من جهاتها الأربع ان كانت الأرض سهلة وغلوة سهم ان كانت حزنة بسكون الزاء ما غلظ من الأرض بالأحجار والأشجار ونحوها كما قيل ثم إن التحديد المذكور هو المشهور بين الأصحاب على ما صرح به غير واحد بل عن الغنية وارشاد الجعفرية الاجماع عليه وعن التذكرة نسبته إلى علمائنا ويدل عليه خبر السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال يطلب الماء في السفر ان كانت الحزونة فغلوة وان كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك والخدشة في مثل هذه الرواية المشهورة التي عمل بها الأصحاب وعبروا بمتنها في فتاويهم بضعف السند مما لا يلتفت إليها * (ثم) * انه وان لم يقع التصريح في الرواية بالضرب في الجهات الأربع لكن يفهم منها ذلك بالنسبة إلى الفرض الذي ينزل عليه اطلاق المتن ونحوه وهو ما لو احتمل وجود الماء في جميع الجهات إذ ليس المقصود بالرواية الامر بطلب الماء في مثل الفرض في جهة معينة ولا مطلق جهة أي جهة تكون ضرورة عدم كون الحكم تعبديا محضا كي يتطرق فيه مثل هذه الاحتمالات بل المقصود بيان لزوم السعي في تحصيل الماء بالمقدار المنصوص عليه في مواقع احتماله لا أزيد فإن لم يحتمل وجود الماء الا في جهة أو جهتين مثلا يقتصر على الطلب في الجهة أو الجهتين وان احتمل في جميع الجهات فليطلب في الجميع ولا يستلزم ذلك ارتكاب التجوز والاضمار في الرواية فإنها مسوقة لتحديد مقدار الطلب في المورد الذي من شأنه ان يطلب الماء فيه وهذا يختلف باختلاف الموارد وان شئت قلت إن الرواية تدل على وجوب الطلب في مساقة الغلوة أو الغلوتين فمهما احتمل وجود الماء فيما لا يزيد من الغلوة والغلوتين وجب الفحص عنه وتوهم ان المراد هو الطلب بمقدار الغلوة أو الغلوتين [مط] في جميع الموارد بمعنى ان الشارع أوجب ذلك على المسافر من دون فرق بين الموارد فإن لم يحتمل الماء الا في جهة فليطلب مقدار الغلوة أو الغلوتين في تلك الجهة وان احتمل في جهتين أو ما زاد فليطلب بهذا المقدار في مجموع الجهات المحتملة بحيث يكون طلبه في كل جهة بعض ذلك المقدار * (مدفوع) * بمخالفته للظاهر من وجوه وعلى تقدير مكافئته للاحتمال الأول لا يصلح دليلا لرفع اليد عما يقتضيه قاعدة الاشتغال وكيف كان فالرواية صريحة في عدم وجوب الفحص زائدا على ما عرفت فهي واردة على القاعدة القاضية بوجوب الفحص مع الامكان ما لم يحصل اليأس أو يتحقق عذر اخر ولا يعارضها قوله (ع) في حسنة زرارة المتقدمة إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت الحديث لقصورها عن المكافئة بعد اعراض الأصحاب عن ظاهرها وعملهم بالرواية السابقة وقد يقال في توجيه الحسنة بأنها مسوقة لبيان وجوب الطلب في سعة الوقت لامع الضيق اما مقدار الطلب فغير مقصود بها فلا تنافي خبر السكوني وفيه مالا يخفى فإنها كادت تكون صريحة في إرادة انه يطلب الماء إلى أن تتضيق عليه الوقت ويخاف فوت الصلاة [فح] يصلى مع التيمم والأولى ان يقال إنه لا تنافي بين الروايتين الا في الجملة فيمكن الجمع بينهما بحمل الحسنة على مالا ينافي خبر السكوني فان وجوب الفحص عن الماء في الجهات الأربع كما يقتضيه خبر السكوني وفتاوى الأصحاب على الظاهر مشروط بإرادة المسافر المتمكن من الفحص الذي لم يتضيق عليه الوقت الصلاة في مكان مخصوص كما لو نزل بعد
(٤٤٩)