مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٤٣
سئله رجل وانا حاضر فقال له اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى امسى قال يعيد الغسل يغتسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته ورواية عثمان بن يزيد قال من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه الغسل ومن اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر وهذه الروايات خصوصا الأخيرة منها كادت تكون صريحة في التحديد بيوم الغسل وليله وقد يجمع بينها وبين صحيحة جميل بالحمل على مراتب الاجزاء واستحباب الإعادة أو بجعل اللام في الصحيحة بمعنى إلى وفى الأخير من البعد مالا يخفى واما الأول فليس كل البعيد ثم لو قلنا بالتحديد بيوم الغسل وليله فلو وقع في أثناء أحدهما فهل العبرة بمقدار اليوم أو الليل الذي وقع فيه بمعنى تقدير زمان النهار مثلا بساعاته فلو وقع في نصف نهار قصير يؤخذ من الليل بمقدار الساعات الماضية من النهار وان لم يبلغ إلى نصف الليل أو يلفق منهما بمعنى انه لو وقع في نصف النهار يكمل بنصف الليل وهكذا أو ينقضي بانقضاء اليوم أو الليل وجوه والاحتمالان الأخيران جاريان مع التحديد بيوم الغسل وليله أيضا والظاهر من الروايات بل كاد ان يكون صريحها هو الأخير أي اختصاص غسل اليوم باليوم والليل بالليل سواء وقع في أوله أم لا وربما يستظهر منها الأول نظرا إلى امكان دعوى القطع بجواز الاجتزاء بالغسل الواقع قبل الفجر أو قبل المغرب للفعل الواقع بعده في الجملة كما يشهد له صريح موثقة سماعة من اغتسل قبل طلوع الفجر وقد استحم قبل ذلك ثم أحرم من يومه أجزاه وصحيحة جميل المتقدمة ورواية اسحق المروية عن التهذيب قال سئلته عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار ويزور بالليل بغسل واحد قال يجزيه ان لم يحدث فان احدث ما يوجب وضوء فليعد غسله لكن الرواية الأخيرة مضطربة المتن حيث حكى عن الكافي ان السؤال فيها ان الرجل يغتسل بالليل ويزور بالليل وقد تصدى بعض المحشين لتوجيهه بحمل الباء على السببية وكيف كان فهذه الروايات لا تصلح قرينة لحمل الأخبار المتقدمة على هذا المعنى البعيد أي التحديد بمقدار اليوم وان أمكن على تقدير ارادته الجمع بين ساير الاخبار حتى خبر جميل بحمله على الاجتزاء بغسل اليوم لليل وكذا عكسه في الجملة لا مطلقا فان حمل قوله (ع) غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك وكذا قوله (ع) في رواية أبي بصير بعد ان سئله عن أن بعض أصحابنا اغتسل فعرض له حاجة حتى امسى انه يعيد الغسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته خصوصا مع ترك الاستفصال عن كون الواقع أول طلوع الفجر كاد ان يكون متعذرا بل مما يقطع بعدم ارادته من الرواية نعم رواية عثمان لا تنافي هذا المعنى بمعنى انه لو استفيد ذلك من دليل آخر لا يعارضه هذه الرواية لا انها استعملت فيه وكيف كان فالذي ينبغي ان يقال إن مقتضى القاعدة الأولية مع قطع النظر عن الأدلة الواردة كما نبهنا عليه انفا انما هو كفاية الغسل للفعل الواقع عقيبه ولو مع الفصل بمقدار غير معتد به في العرف والعادة عند امتثال مثل هذه الأوامر مط من غير فرق بين كون الغسل واقعا قبل طلوع الفجر أو المغرب والفعل بعده وبين كونهما واقعين في اليوم أو الليل ولا ينافي ذلك الا خبري عمر بن يزيد وأبى بصير الدالان على اختصاص اثر غسل اليوم باليوم والليل بالليل وهما لا يصلحان لتخصيص هذه القاعدة استفادة من اطلاقات الأدلة المعتضدة بالاخبار المتقدمة المصرحة بكفاية غسل اليوم لليل وعكسه في الجملة فلابد اما من حمل الروايتين على إرادة الفضل والاستحباب أو صرفهما عن مثل الفرض بحملهما على إرادة الاختصاص فيما إذا لم يكن بين الغسل والفعل اتصال عرفي كما ليس بالبعيد ولاجل ما فيهما من الاجمال لا تصلحان شاهد الصرف صحيحة جميل وخبر اسحق عن ظاهرهما من اطلاق الاجتزاء بغسل اليوم لليل وعكسه نعم ربما ينافي هذا الاطلاق مفهوم الغاية في رواية عثمان فان مقتضاه عدم كفاية الغسل الواقع عند طلوع الفجر بعد دخول الليل لكن التنافي كما يرتفع بتقييد الصحيحة كذلك يرتفع بالالتزام باستحباب الإعادة كما هو أحد الاحتمالين المتقدمين في الروايتين المتقدمتين فالجمع بين الروايات بحمل الإعادة على الفصل والاستحباب أولى من طرح البعض أو ساير جهات التأويل المحتملة بل لو قلنا بانتقاض هذه الأغسال بأسباب الوضوء كما ستعرف تحقيقه فلا يبعد الالتزام ببقاء اثرها مطلقا ما لم يحدث كما يستشعر ذلك بل يستظهر من رواية اسحق المتقدمة فليتأمل واما الكلام في المقام الثاني فقد صرح غير واحد بانتقاض هذه الأغسال بالنوم واستدل له بالمعتبرة المصرحة به مثل صحيحة ابن الحجاج قال سئلت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام فيوصي قبل ان يدخل أيجزيه أو يعيد قال لا يجزيه انما دخل بوضوء وصحيحة نضر بن سؤيد عن أبي الحسن (ع) عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل ان يحرم قال عليه إعادة الغسل وغير ذلك مما ورد في باب الاحرام واختصاصها بغسل الاحرام غير ضائر لما عن المصابيح من أن الأصحاب لم يفرقوا بينه وبين غيره لكن يعارضها صحيحة العيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ثم ينام قبل ان يحرم قال ليس عليه غسل ويؤيدها اطلاق صحيحة جميل وغيرها من الأخبار المتقدمة خصوصا مع غلبة وقوع النوم في أثناء الليل وكذا اليوم الا ان الأخبار المتقدمة اظهر في الانتقاض من هذه الصحيحة بل قوله (ع) في صحيحة ابن الحجاج انما دخل بوضوء صريح في ذلك واما هذه الصحيحة فيحتمل قويا ورودها لدفع توهم السائل وجوب غسل الاحرام المقتضى لوجوب اعادته بعد الانتقاض فقال الإمام (ع) ليس عليه غسل يعنى لا يجب عليه غسل ويؤيد إرادة هذا المعنى سوق العبارة وتنكير لفظ الغسل كما عن التهذيب حملها عليه فلا تصلح لمعارضة ما تقدم واما المطلقات فلابد من تقييدها بهذه
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 448 449 450 ... » »»