مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٥٥
على تفويت التكليف وهو حاصل في الفرض ولا يتفاوت الحال في ذلك بين كونه مسببا عن إراقة الماء أو نقض الطهارة السابقة كما هو واضح نعم لو كان نفس الوضوء أو الغسل واجبا نفسيا على المحدث وكان التيمم بدلا اضطراريا منه لاتجه الفرق بين اتلاف الماء ونقض الطهارة فيحرم الأول دون الثاني لكون نقض الطهارة [ح] موجبا لحدوث التكليف لا لتفويته فهو من المقدمات الوجوبية للواجب المشروط ولا يؤثر الا بمقدار قابلية المحل وهذا بخلاف إراقة الماء فان تركها من المقدمات الوجودية للواجب فلا يجوز الاخلال به والله العالم * (ثم) * ان ما ذكرنا من حرمة تفويت التكليف بالاخلال بشئ من مقدماته الوجودية بعد احرازه وعدم الحرمة عند الشك منه أو في توقفه على خصوص هذه المقدمة التي أخل بها انما هو بمقتضى القاعدة الأولية التي يحكم بها العقل والا فربما يستفاد من أدلة نفى الحرج وغيرها مثل اخبار التقية ونحوها جواز ايجاد سبب الاضطرار اختيارا في كثير من الموارد كما أنه لا يبعد دعوى انه يستفاد من بعض الأدلة الخاصة عدم جواز الاقدام على ما يخاف معه من الاختلال بشئ من معالم دينه من الصلاة ونحوهما كما لا يخفى وقد ظهر لك فيما تقدم حكم ما لو ترك المكلف الفحص في طلب الماء وصلى مع التيمم في سعة الوقت وضيقه مع مصادفة فعله وجود الماء في محل الطلب وعدمه وضعا وتكليفا واما لو تفحص وبذل جهده بقدر ما يقتضيه تكليفه في طلب الماء ولم يجده فتيمم وصلى ثم انكشف في الوقت أو في خارجه وجوده صح تيممه وصلاته على الأظهر لتحقق العجز وعدم الوجدان الذي أنيط به شرعية التيمم في ظواهر الكتاب والسنة وتوهم اعتبار استمرار العجز في تمام الوقت في صحة التيمم تحقيقا لمفهوم الاضطرار الذي هو المناط في الحقيقة لشرعية التيمم لا مجرد صدق عدم الوجدان فانكشاف وجود الماء في الوقت كاشف عن عدم تحقق الضرورة المسوغة للتيمم وان كان حال العمل اتيا بما يقتضيه تكليفه في مرحلة الظاهر مراعيا صحته بعدم انكشاف الخلاف * (مدفوع) * بمخالفته لظواهر الأدلة الدالة على جواز التيمم والصلاة بعد الفحص وعدم الوجدان حيث لا يتبادر منها الا اعتبار الضرورة حال الفعل لا عدم قدرته في الواقع من الطهارة المائية في مجموع الوقت مضافا إلى استفادته من النصوص المستفيضة الآتية في محلها الدالة على عدم إعادة الصلاة لو تجددت القدرة بعدها بوجود الماء في الوقت وبما أشرنا إليه من أن مناط الصحة هو العجز عن استعمال الماء قد يقوى في النظر صحة صلاة واجد الماء الذي نسيه واعتقد عدم تمكنه من استعمال الماء فتيمم وصلى وكذلك من عنده الماء ولم يعلم بوجوده واعتقد عجزه فصلى مع التيمم فان اعتقاد العجز يؤثره في عدم تمكنه واقعا من استعمال الماء ضرورة عدم قدرته على الطهارة المائية ومعذوريته عنها ما دام معتقدا عدم الماء وتاركا للفحص بواسطته ولكن الأقوى في الصورتين البطلان ووجوب الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه عند انكشاف مخالفة اعتقاده للواقع فان العجز الذي يتبادر إلى الذهن من الأدلة الشرعية اعتباره في شرعية التيمم انما هو ما عدا هذا النحو من العجز المسبب عن اعتقاد العجز وان كان الا في به معذورا عقلا في مخالفته لما هو تكليفه في الواقع من ترك الصلاة مع الطهارة المائية لكن عليه ان يخرج من عهدتها بعد انكشاف الواجب بالإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ودعوى ان الامر العقلي الذي يبعثه على فعل الصلاة مع التيمم يقتضى الاجزاء عن الواقع مما لا ينبغي الاصغاء إليها ويدل عليه في الجملة مضافا إلى ما عرفت خبر أبي بصير قال سئلته عن رجل كان في سفر ومعه ماء فنسيه وتيمم وصلى ثم ذكر ان معه ماء قبل ان يخرج الوقت قال عليه ان يتوضأ ويعيد الصلاة ولافرق في سقوط التكليف بالطهارة المائية ووجوب التيمم بين عدم الماء أصلا ووجود ما لا يكفيه لطهارته وضوءا وغسلا فان الطهارة الحدثية لا تتبعض ولا تلفق من الماء والتراب بلا خلاف في شئ منهما على الظاهر كما يدل عليه ظاهر الكتاب فان المتبادر من قوله تعالى ولم تجدوا ماء ليس الا إرادة الماء للوضوء والغسل بقدر ان يتوضأ أو يغتسل بالكيفية المذكورة في صدر الآية وحكى عن بعض العامة أنه قال الجنب إذا وجد ماء لا يكفيه لطهارته استعمل الماء وتيمم وفى محكى المنتهى عن بعض الشافعية ذلك في الحدث الأصغر أيضا لأنه واجد للماء ما لم يستعمله فلا يسوغ له التيمم و * (فيه) * مالا يخفى وما حكى عن العلامة في النهاية من أنه قطع بان المحدث لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته لم يجب عليه استعماله بل يتيمم واحتمل في الجنب مساواته للمحدث ووجوب صرف الماء إلى بعض أعضائه لجواز وجود ما يكمل به الطهارة قال والموالاة ساقطة هنا بخلاف المحدث ليس خلافا فيما نحن فيه أعني عدم تبعض الطهارة بل هو للتنبيه على الفرق بين الوضوء والغسل بامكان القول بوجوب صرفه في الغسل رعاية للاحتياط عند احتمال تجدد القدرة من الاكمال وهذا بخلاف الوضوء لتعذر الاحتياط فيه بذلك لاشتراطه بالموالاة ويتوجه عليه ان اشتراط الموالاة في الوضوء دون الغسل لا يصلح فارقا بينهما من هذه الجهة فإنه كما يتأتى الاحتياط بصرف البعض في الغسل برجاء تكميله بتجدد القدرة كذلك يتأتى بحفظ الماء الموجود ليضمه إلى ما يرجو حصوله فلا يتعين عليه صرفه في البعض بل له ابقائه إلى أن يتجدد القدرة أو يتحقق اليأس بل هذا هو الأحوط للجزم بالنية ومثله يتأتى في الوضوء فان وجب الاحتياط في الفرض فقد وجب في الطهارتين والا لم يجب في شئ منهما وكيف كان فهذا المطلب أجنبي عما نحن بصدده من عدم وجوب صرف الماء في بعض الطهارة من حيث هو ويدل عليه مضافا إلى
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»