مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٤٥
مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة وربما استظهر هذا القول من الصدوق لتعهد في أول كتابه بالعمل بالاخبار المودعة فيه وفيه نظر وحكى عن أبي الصلاح أنه قال إن الأغسال المفروضة ثمانية إلى أن قال وغسل القاصد لرؤية المصلوب من المسلمين بعد ثلاثة وعلله فيما حكى عنه بأنه شرط في تكفير الذنب وصحة التوبة فيلزم العزم عليه وهو شاذ وتعليله عليل والرواية مع ما فيها من الضعف لا تصلح دليلا الا للاستحباب كما ذهب إليه المشهور بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه ثم إن المتبادر من القصد إلى رؤية المصلوب في النص والفتوى هو السعي إليها عمدا كما عبر به في المتن وغيره والمراد بالمتن هو ان يراه بعد السعي متعمدا فلو رآه من دون سعى أو سعى إليه ولم يره أو رآه لا عن عمد فلا غسل عليه ثم إنه قد صرح بعضهم بان مقتضى التعليل الواقع في النص اختصاص الحكم بالنظر المحرم إذ لا عقوبة في غيره فيخرج الكافر المصلوب إذ لا حرمة في النظر إليه ولذا قيده الحلبي في عبارته المتقدمة بكونه من المسلمين وكذا النظر إلى المسلم لفرض شرعي كالشهادة على عينه كما عن كشف اللثام وغيره وكذا النظر إلى المسلم في الثلاثة إذا كان صلبه بحق لان الصلب شرع لتفضيح المصلوب فلا معصية في النظر إليه في الثلاثة ولو كان المصلوب غير مستحق للصلب فمقتضى اطلاق الرواية ثبوت الغسل ولو قبل الثلاثة لحرمة السعي لرؤيته بل يجب انزاله عن الخشبة مع التمكن مطلقا وعن الصيمري تقييده بالمصلوب حقا ولعل وجهه استظهاره من عبائر الأصحاب حيث قيد والحكم بما بعد الثلاثة فيفهم من ذلك الاختصاص بالمصلوب حقا إذ لا فرق في حرمة النظر إلى المصلوب ظلما بين الثلاثة وما بعدها وفيه ان التعميم بحيث يشمل المصلوب ظلما ولو فيما بين الثلاثة أوفق بظاهر النص بل الغالب في عصر الأئمة (ع) لم يكن الا كذلك ولعله لذلك امر بالغسل مطلقا بل الأظهر شموله للمصلوب الكافر أيضا والذنب الذي يقع الغسل عقوبة عنه لا يجب ان يكون محرما شرعيا كي ينتفى بالنسبة إلى الكافر الذي لا احترام له ولا حرمة في هتكه بل ينبغي ان لا يكون الا الكراهة ولا امتناع في أن يكون السعي لرؤية المصلوب من حيث هو مكروها يقتضى التكفير عنه بالغسل بل الالتزام بحرمة النظر هو من حيث هو بالنسبة إلى المسلم أيضا لا لأجل عنوان الهتك والتوهين ونحوه مما قد يتخلف عنه في غاية الاشكال فالأشبه عدم الفرق بين كون المصلوب كافرا أو مسلما نعم ينبغي استثناء المصلوب بالحق في الثلاثة نظرا إلى منافاة مرجوحية النظر المقتضية للتكفير لحكمة مشروعية الحكم وان كان فيه أيضا تأمل والله العالم واما الثاني وهو غسل المولود فقال بعض فقهائنا كابن حمزة على ما حكى عنه بوجوبه لقوله (ع) في موثقة سماعة في تعداد الأغسال وغسل المولود واجب والأظهر في هذه المسألة أيضا كسابقتها الاستحباب كما عن المشهور بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه وعن ظاهر السرائر نفى الخلاف فيه وعن المعتبر رمى القول بالوجوب بالشذوذ وعن المنتهى بالمتروكية وكفى بذلك موهنا لظاهر الخبر في مقابلة ما دل على حصر الغسل الواجب في غيره مضافا إلى ما عرفته مرارا من عدم ظهور الموثقة في إرادة الوجوب بالمعنى المصطلح كما يشهد وبذلك ما فيها من توصيف جملة من الأغسال المسنونة بالوجوب ثم إن ظاهر الموثقة كعبائر الأصحاب انما هو إرادة الغسل بالمعنى المعهود لا الغسل بالفتح بمعنى إزالة القذر فما احتمله بعض من كونه تنظيفا محضا ضعيف نعم لا يبعد ان يكون ذلك حكمة الحكم كما في غسل الجمعة والله العالم قد فرغ من تصنيف المجلد الثاني الذي هو في الأغسال من طهارة الكتاب المسمى بمصباح الفقيه أقل الطلبة محمد رضا الهمداني يوم الجمعة قبيل الغروب غرة ذي الحجة من سنة 1297 اعانه الله تعالى على اتمامه بأتم الوجوه وأحسنه وجعله ذخيرة لاخرته بمحمد واله الطيبين الطاهرين صلاة الله عليه وعليهم أجمعين إلى يوم الدين وبيد الأحقر العاصي ميرزا حسين
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 448 449 450 451 452 ... » »»