مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٤٨
هذا كتاب المجلد الثالث من الكتاب المسمى بمصباح الفقيه مبتدأ من التيمم من تأليفات العالم المحقق والفاضل المدقق مولانا آقا محمد رضا الهمداني قده بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الركن الثالث من الأركان الأربعة التي يعتمد عليها كتاب الطهارة في الطهارة الترابية أي التيمم الذي قضت ضرورة الدين بطهوريته لدى الضرورة في الجملة قال الله تبارك وتعالى في سورة النساء يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ان الله كان عفوا غفورا وقال الله تعالى في سورة المائدة يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ويحتمل ان يكون قوله تعالى ما يريد الله ليجعل الخ مسوقا لدفع توهم كون التكليف بالطهارة عند كل صلاة حرجيا مع ما في التيمم من التذلل و الخضوع الذي ربما يشق على المؤمنين في بدو الاسلام تحمل مثله تعبدا ويحتمل ان يكون بيانا للحكمة المقتضية لشرع التيمم وبدليته عن الوضوء والغسل فيفهم منه على هذا التقدير اختصاص الامر بالوضوء والغسل بغير مورد الحرج الذي هو أعم من سائر الضرورات المسوغة للتيمم وكون المشروع في مثل الفرض هو التيمم تسهيلا للعباد ورأفة بهم وتفضلا عليهم كي يسهل عليهم الطهارة في جميع الأحوال وهذا الاحتمال أسبق إلى الذهن وأوفق بالاعتبار وان كان الأول انسب بالسياق وكيف كان فيستفاد من هذه الفقرة الواردة في مقام الامتنان بل من سياق الآيتين بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان فضلا عن الأدلة الخارجية اطراد شرعية التيمم في ساير مواقع الضرورة وعدم اختصاصها بالموارد المذكورة في الآية وتخصيص تلك الموارد بالذكر على الظاهر لأجل تحقق الضرورة فيها غالبا والا فالمناط مطلق تعذر استعمال الماء عقلا أو شرعا بل تعسره أيضا في الجملة على ما ستعرفه انشاء الله كما أنه يستفاد عرفا من تعليق الامر بالتيمم على عدم وجدان الماء كون التيمم بدلا اضطراريا عن الوضوء سوغه الضرورة بحيث لو فرض محالا تمكنه من الوضوء لكان هو المطلوب الأصلي نظير ما لو قال إذا جائك زيد فاطعمه بالطبخ الكذائي وإذا لم يتهيأ لك أسبابه فاطعمه بالخبز مثلا حيث يفهم من مثل ذلك عرفا ان رفع اليد عن الطلب الأول في مثل الفرض والامر بالثاني لأجل الضرورة وكون المطلوب الثاني بدلا اضطراريا عن الأول لا لفقد المقتضى وانقلاب الموضوع لأجل عدم تهيأ الأسباب كالمسافر والحاضر بالنسبة إلى الصوم والصلاة ولذا صح ان يدعى انه يفهم من الآية وجوب بذل الجهد في تحصيل الماء للطهارة وانتقال التكليف إلى التيمم عند تعذر تحصيل الماء بعد الغض عما قد يقال من أن المنساق إلى الذهن اعتبار الطلب في تحقق مفهوم ان لم تجدوا فان وجوب التحصيل مع الامكان هو الذي يقتضيه البدلية الاضطرارية ولعل هذا هو مراد من فسر عدم الوجدان بعدم التمكن لا انه استعمل اللفظ فيه على سبيل التجوز في الكلمة كي يطالب بالدليل وكيف كان فالنظر في هذا المبحث يقع في أطراف أربعة الأول ما يصح معه التيمم وهو ضروب يحويها العجز عن استعمال الماء عقلا أو شرعا الذي هو المناط في جواز التيمم كما تقدمت الإشارة إليه لكن لابد من التعرض لذكر بعض أسباب العجز مفصلا كما صنعه المصنف قده لبيان ما يتفرع عليها من الأحكام المخصوصة لكل سبب كما ستعرفه الأول عدم الماء ولا شبهة في كونه من مسوغات التيمم مطلقا كتابا وسنة واجماعا من غير فرق عندنا على الظاهر بين السفر والحضر وما ارسله بعضهم عن علم الهدى من أنه أوجب الإعادة على الحاضر مع عدم تحقق
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 448 449 450 451 452 453 ... » »»