ان كل متنجس أمكن غسله بان لم يكن من المايعات الغير القابلة للغسل يطهر بغسله بالماء القليل كالكثير إذا روعى فيه ما اعتبره الشارع تعبدا من التعدد والتعفير وغير ذلك مما ستعرف وقد ادعينا ان غسل مثل الحنطة والشعير والصابون ونحوها عند رسوب النجاسة فيها يتحقق عرفا باسلاء؟ الماء الراسخ في أعماقها على تأمل في الصابون وشبهه وقد نفينا البعد عن قيام الرطوبة المتنجسة الراسخة في مثل هذه الأشياء المانعة من رسوخ ما يستعمل في تطهيرها مقامه في المطهرية واستشهدنا لذلك باخبار أمكن الخدشة في سندها لو لم نقل بانجباره بالعمل فالحكم في الفرض لا يخلو من تردد واما الغسالة التي يجب التجنب عنها فهي ليست الا ما يتعارف انفصاله عن؟ المغسول في كل شئ بحسبه فلا يكفي في غسل مثل الأشياء المزبورة مجرد ايصال الماء إلى بواطنها ما لم يستول عليها الماء ويتعدها بحيث ينفصل عنها غسالتها على النحو المتعارف في غسل مثل هذه الأشياء ومن هنا يتطرق الاشكال في تطهير الأرض الرخوة ونحوها بالماء القليل الذي يرسب فيها ولا يجرى عليها فان الأظهر عدم قبولها للتطهير بالقليل الا ان يدل عليه دليل تعبدي وسيأتي التكلم فيه عند تعرض المصنف لتطهير الأرض بصب ذنوب انشاء الله وربما يظهر من رواية الحسن بن المحبوب طهارة الجص بايصال الماء إليه وان لم ينفصل عنه أصلا قال سئلت أبا الحسن (ع) عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يخصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إلى بخطه ان الماء والنار قد طهراه لكن ايقاد العذرة والعظام على الجص وان كان كثيرا ما موجبا لانفصال اجزاء مائية أو دهنية حال الايقاد ووصولها إلى الجص الا انه ليس ملزوما عاديا لذلك فلا يحصل العلم بنجاسة الجص غالبا خصوصا بالنسبة إلى ما هو مورد ابتلاء المكلف فلا يبعد ان يكون المراد بالتطهير التطهير من مرتبة من القذارة التي فهم من كثير من الاخبار حصولها لملاقيات بعض الأعيان النجسة مع النجسة مع الجفاف التي يزيلها الرش والصب وكيف كان فالرواية بظاهرها مما لم يعرف العامل بها فيشكل الاعتماد عليها في الالتزام بحصول غسل الجص في مثل الفرض تعبدا مع عدم تحقق مسماه لدى العرف خصوصا مع قوة احتمال إرادة ما عرفت فإن كان ولابد من العمل بظاهر الرواية فليقتصر على مثل موردها والله العالم وهل يعتبر في التطهير بالماء القليل ورود الماء على المتنجس فلو عكس لم يطهر أم لا قولان ربما نسب كل منهما إلى المشهور ويظهر من بعض دعوى عدم تعرض الأكثر لبيان هذا الشرط واما المتعرضون له فبين جازم بالاشتراط أو متردد فيه فنسبة القول بعدم الاشتراط إلى المشهور لا يبعد ان يكون منشأها استظهاره من عدم تعرضهم له كما أن نسبة القول بالاشتراط لا يبعد أن تكون ناشئة من اشتهاره بين المتعرضين له وكيف كان فاستدل للقول بالاشتراط بالأصل بعد دعوى انصراف الامر بالغسل في الاخبار الامرة به إلى هذا النحو إذا كان بالماء القليل الذي ينفعل بالملاقاة وبعموم ما دل على انفعال الماء القليل وان كان نجس منجس وعدم جواز التطهير بالنجس خرج من القاعدتين الأخيرتين الماء الوارد على النجاسة بالاجماع وغيره وبقى المورود وبظهور المستفيضة الامرة بصب الماء على البول في تعيين الورود وحملها على إرادة مطلق الملاقاة وذكر الصب من باب الغلبة يحتاج إلى قرينة وبذلك يقيد اطلاقات أوامر الغسل لو فرض عدم انصرافها إلى صورة الورود وفى الجميع نظر فان الأصل مقطوع باطلاقات أوامر الغسل التي ورد جملة منها في مقام بيان المطهر ودعوى انصراف الامر بالغسل في الاخبار الامرة به إلى هذا النحو إذا كان بالماء القليل قابلة للمنع واما قاعدة الانفعال فقد عرفت في مبحث الغسالة انها غير متخصصة بالنسبة إلى الغسالة لأنا التزمنا بنجاستها سواء كان الماء واردا أم مورودا واما القاعدتان الأخيرتان فهما قاصرتان عن أن تعما محل الكلام كما عرفته في ذلك المبحث واما المستفيضة التي ورد فيها الامر بصب الماء على البول فأريد بها التوسعة والتسهيل في إزالة البول الذي هو ماء عند اصابته للجسد الذي لا يرسب فيه البول أو كون البول بول الصبي الذي لم يأكل الطعام المبنى امره على التخفيف فلم يقصد بتلك الأخبار التقييد والتحرز عن الغسل الذي لم يتحقق به موضوع الصبت كما لا يخفى على من تأمل فيها واستدل له أيضا باليسرة وفيه انه يمكن ان يكون منشاها حفظ الفضالة عن الانفعال أو عدم تسرية النجاسة إلى ما يغسل فيه أو غير ذلك من الأمور المقتضية له فلا تكون اليسرة في مثل المقام كاشفة عن اعتباره شرعا واستدل لعدم الاشتراط مضافا إلى اطلاقات الأدلة بخبر ابن محبوب عن أبي الحسن (ع) في الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ان الماء والنار قد طهراه فان الغالب ورود الجص على الماء وفيه انه لم يثبت كون الامر كذلك عند هم مع أن الاستدلال بالرواية انما يتم ان قلنا بطهارة الجص المتنجس الذي يبل بماء طاهر وقد عرفت انفا انه لا يخلو عن اشكال وبصحيحة ابن مسلم سئل الصادق عليه السلام عن الثوب يصيبه البول فقال اغسله في المركن مرتين ودعوى ان غسل الثوب في المركن لا يستلزم مورودية الماء فإنه ربما يطرح الثوب أولا في المركن ثم يصب عليه الماء غير مجدية مع اطلاق الامر وكون عكسه فردا متعارفا لو لم نقل بأنه هو الشايع المتعارف وربما تكلف بعض في توجيه هذه الصحيحة بما لا ينافي اشتراط الورود بجعل في بمعنى الباء أو حملها على إرادة التنظيف قبل التطهير وفيهما مالا يخفى فالقول بعدم الاشتراط لا يخلو عن قوة ولكن الانصاف انه بعد معهودية انفعال الماء القليل بالملاقاة و مغروسيته في النفس لا يبعد دعوى انصراف اطلاقات الغسل حتى في مثل الصحيحة المتقدمة إلى صورة الورود بواسطة بعض المناسبات المركوزة في الذهن خصوصا مع تعارفه عند استعمال الماء ولو بلحاظ حفظ الفضالة عن الانفعال فالقول بالاشتراط لو لم يكن أقوى فلا
(٦٠٥)