مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٠٤
فهي تابعة للمغسول في الطهارة والنجاسة كالمتخلف في الثوب بعد عصره بل تبعية هذه الاجزاء للمغسول واستهلاكها بنظر العرف أشد من تبعية المتخلف وقد عرفت في مبحث الغسالة ان الحكم بطهارة المتخلف ليس تعبديا محضا بل هو امر يشهد به العرف ويقتضيه شرعية مطهرية الغسل ومن هنا ظهر ضعف الاستناد للمنع ببقاء الغسالة لما عرفت من أن ما يتخلف في الباطن لا يعتد به في العرف ولا يعد من الغسالة القذرة بل يتبع المغسول في النظافة فالقول بالمنع ضعيف كما يدل عليه أيضا الخبر ان الاتيان الدالان على جواز غسل اللحم المطبوخ ومرسلة الصدوق الآتية ويؤيده أيضا أدلة نفى الحرج والضرر وما دل على التوسعة في الدين عموما وخصوصا في التطهير الذي من الله تبارك و [تع] على عبادة بان وسع عليهم امره بأوسع ما بين السماء والأرض بان جعل الماء طهورا إلى غير ذلك من المؤيدات * (بل) * ربما يغلب على الظن عدم الحاجة إلى تجفيف ما رسب في الباطن من الرطوبة المتنجسة مقدمة لايصال الماء المستعمل في التطهير إليه بدعوى مساعدة العرف على الاجتزاء عنه بتلك الرطوبة وتبعيتها للماء المستولي على الشئ في المطهرية لكن لا يعتنى بمثل هذا الظن في مقابلة استصحاب النجاسة الا ان يدل دليل عليه ويمكن الاستدلال له برواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فارة قال يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل * (ورواية) * زكريا بن آدم قال سئلت أبا الحسن (ع) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق قال يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلاب واللحم اغسله وكله فان مقتضى ترك الاستفصال عدم الفرق بين وقوع النجاسة في القدر حال غليانها أو شدة الحرارة الموجبة لرسوخ النجاسة في الباطن ووقوعها بعد أن بردت بحيث لم يتعد النجاسة عن ظاهر اللحم بل ظاهر السؤال في الرواية الأولى كون الفارة في القدر من حين الطبخ فيستفاد من اطلاق الامر بغسل اللحم في الجواب أمور * (منها) * عدم الفرق بين غسله بالماء القليل والكثير ومنها قبول مثل اللحم ممالا يقبل العصر للتطهير وتوهم قبول اللحم المطبوخ للعصر واستخراج غسالته به * (مدفوع) * بان بعض قطعات اللحم التي لها نوع خشونة وان عرض له بعد الطبخ حالة يمكن استخراج بعض ما فيه بالعصر لكن كثير منها ليس كذلك بل ربما تشتمل على رطوبات لزجة يتعذر بواسطتها العصر وتخصيص الروايتين بخصوص ما يقبل العصر مع بعده في حد ذاته يحتاج إلى دليل و * (منها) * الاجتزاء بما فيه من النداوة عن ايصال الماء المستعمل في تطهيره إلى ما في أعماقه لأن الماء لا يرسب فيها مع اشتمالها على الرطوبة الشاغلة لها ولا أقل من تعذر تحصيل العلم بالوصول مع أن الرواية دلت على طهارته بالغسل والمتبادر منه ليس الا إرادة الغسل المتعارف الذي لا يتحقق معه القطع بنفوذ الماء في جميع الأجزاء الباطنية التي سرت النجاسة إليها وقد نفينا البعد عن تبعية الباطن للظاهر في الطهارة بغسله بالماء في مثل الفرض كما يتبع باطن الأرض لظاهرها عند اشراق الشمس عليه ويتبع ما رسب في باطن النعل للسطح الملاصق للأرض ولا يبعد دعوى دلالتها على طهارة المخ ونحوه مما يرسب فيه النجاسة عند فوران القدر ويتعذر تطهيره مستقلا لما فيه من الاجزاء الدهنية أيضا بالتبع فان الغالب ان اللحم الكثير لا ينفك عن مثل ذلك فليتأمل * (وكيف) * كان فقد حكى عن الأصحاب العمل بمضمون الروايتين ولكن استشكل في العمل باطلاقهما بعض المتأخرين لما فيهما من ضعف السند والمخالفة للقواعد ولكن الانصاف ان رفع اليد عنهما بعد كونهما مقبولتين لدى الأصحاب لولا رعاية الاحتياط في مقام العمل أشكل والعجب من صاحب الحدائق حيث يرى مثل هذه الأخبار قطعية الصدور واعترف بعمل الأصحاب بهما ومع ذلك اعرض عنهما لمحض الاستبعاد قال في الحدائق بعد نقل الروايتين وظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف القول بمضمونهما وعندي في ذلك على اطلاقه اشكال وذلك فإنه ان كانت النجاسة قد وقعت بعد وقوعها بحيث لم تسر النجاسة الا إلى المرق وظاهر اللحم فلا اشكال وان كانت قد بقيت في القدر مدة بحيث غلا بها في القدر وسرت نجاسة المرق إلى باطن اللحم كما هو ظاهر عبارة العلامة المتقدمة فكيف يطهر بمجرد غسل ظاهره والنجاسة قد سرت إلى باطنه كما هو المفروض نعم لو علم وصول الماء المطهر إلى الباطن وكان في ماء كثير فالقول بالطهارة متجه * (انتهى) * وهو كما ترى يشبه ان يكون اجتهادا في مقابلة النص واستبعاد الامر غير بعيد له نظائر في الشرعيات والعرفيات فالقول به خصوصا في مورد النص لا يخلو من قوة ويؤيده أيضا مرسلة الصدوق قال دخل أبو جعفر (ع) الخلا فوجد لقمة خبز في القذر فاخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك معه فقال تكون معك لاكلها إذا خرجت فلما خرج قال للمملوك أين اللقمة فقال اكلتها يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إنها ما استقرت في جوف أحد الا وجبت له الجنة فاذهب فأنت حر فانى اكره ان استخدم رجلا من أهل الجنة لكن لا يبعد دعوى قبول الخبز للعصر و * (وكيف) * كان فالاحتياط مما لا ينبغي تركه خصوصا بملاحظة ما في الروايات من الضعف بل الأحوط ترك غسل ما يرسب فيه الماء من الأمثلة المتقدمة بالقليل مطلقا بل ترك غسل مثل الصابون والطين ولو بالكثير فإنهما كالعجين يشكل الجزم بنفوذ الماء فيهما باقيا على صفته والله العالم وحكى عن القاضي في مسألة غسل اللحم الفرق بين وقوع قليل الخمر في القدر وكثيره فيطهر اللحم بالغسل في الأول دون الثاني ولعله اقتصر في الحكم على مورد النص أو انه رأى استتباع الرطوبة المتنجسة الماء المستعمل في غسله في الأول دون الثاني نظرا إلى أن الكثرة توجب رسوب نفس الخمر فيه ولو بواسطة الماء المتغير به فلا يطهر [ح] الا بعد تخليصه من عين النجس وهو اما متعذر أو غير ممكن احرازه حتى يرفع اليد به عن استصحاب النجاسة وملخص الكلام من أوله إلى اخره
(٦٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 609 ... » »»