الحاصل بعده الذي لا يقصد به غالبا الا تجفيف الثوب وان كان الأظهر فيها أيضا خروجها من حقيقة الغسل وكونها من مقدمات حصول مفهومه لا من مقومات مهيته والحاصل ان ما يتوقف عليه الغسل شطرا أو شرطا انما هو هذه المعالجات التي لها دخل في انتقال الوسخ إلى الماء ما دام التشاغل بالغسل ولا شبهة بل لا نزاع في اعتبارها في طهارة الثوب على تقدير كون نجاسته عينية متوقفة ازالتها على استعمال مثل هذه المعالجات كما أنه لا نزاع في عدم الحاجة إليها على تقدير كون النجاسة حكمية أو بمنزلتها في عدم احتياج خلوص المحل منها إلى اعمال مثل هذه المعالجات وانما الكلام في اعتبار العصر بعد انتقال القذارة إلى الماء وهذا امر أجنبي عن مهية الغسل لابد في اثبات وجوبه من التماس دليل اخر غير أوامر الغسل لكن القائل ان يقول إن حصول غسل الثوب واتصافه بالنظافة بمجرد انتقال وسخه إلى الماء وخلوصه بنفسه من القذارة الراسخة فيه انما هو فيما إذا لم يستقذر الماء المستولي عليه بما انتقل إليه بان استهلك القذر في الماء وبقى الماء على نظافته واما إذا تغير الماء به وصار قذرا فلا يحصل غسل الثوب وتنظيفه الابعد تخليصه من غسالته بالعصر وشبهه بحيث لم يبق فيه من غسالته الوسخة بشئ يعتد به في العرف وحيث انا علمنا بما دل على انفعال الماء القليل بملاقاة النجس ان الماء الذي يغسل به الثوب ينجس بملاقاته عرفنا انه كالماء الوسخ الذي اكتسب القذارة من الثوب في المانعية من اتصاف الثوب بالطهارة ما دام مشغولا بذلك الماء فلا يتحقق غسله ولا يوصف بالنظافة الا بعد انفصال غسالته عنه باستخراجه بالعصر أو ما هو بمنزلته من تثقيل ونحوه لا بتجفيفه بالشمس أو الريح ونحوهما فان هذا لدى العرف تثبيت للقذارة ولا يعد إزالة لكن هذا إذا كان الغسل بالماء القليل الذي ينفعل بالملاقاة دون الكثير ونحوه ومن هنا يتجه التفصيل بين الغسل بالماء القليل وغيره كما اشتهر بين المتأخرين والانصاف ان هذه الدعوى وجيهة الا انها مبنية على القول بنجاسة الغسالة فلا تتم على القول بطهارتها أو طهارة الماء الوارد كما انها لا تطرد على ما نفينا عنه البعد فيما سبق من عدم كون المتنجسات الجامدة الخالية من أعيان النجاسات مؤثرة في تنجيس ما يلاقيها فالمتجه [ح] اشتراط العصر في كل مورد حكمنا فيه بنجاسة غسالته لا مطلقا كما أن مقتضى الدليل الثالث المحكى عن المنتهى ليس الا ذلك فالقول بعدم وجوبه بناء على طهارة الغسالة لا يخلو من قوة ولكن الأقوى اعتباره مطلقا الا ان يدل دليل على خلافه فانا وان أنكرنا كون العصر بل وكذا انفصال الغسالة معتبرا في مفهوم الغسل لكن ليس لنا انكار كون الغسل عرفا ولغة أخص من مطلق استيلاء الماء على المحل ضرورة ان غسل الثوب عبارة عن تنظيفه وإزالة وسخه فلا يتحقق غسل الثوب الوسخ بمجرد القائه في الماء أو اجراء الماء عليه وكون القذارة الشرعية الحكمية امرا معنويا غير محسوس لدينا لا يستلزم ان يتحقق غسلها بمجرد استيلاء الماء على المتنجس لجواز ان يتوقف ازالتها على ما يتوقف عليه إزالة القذارات الحسية من الفرك والدلك ونحوهما فلولا معروفية عدم اعتبار مثل هذه الأمور في غسل النجاسات الحكمية بالاجماع وغيره لاشكال علينا نفى اعتبارها فان المتبادر من الامر بغسل الثوب المتنجس الذي لا نعقل نجاسته ليس الا إرادة الطبيعة التي من شأنها إزالة الوسخ لا مطلق اجراء الماء عليه فحالنا بالنسبة إلى القذارات الحكمية حال الأعمى المأمور بغسل الثوب الملطخ بالدم في أنه يجب عليه الاحتياط حتى يقطع بنظافته نعم لو لم يكن مفهوم الإزالة مأخوذا في مهية الغسل وكان الغسل اسما المطلق ايصال الماء إلى الشئ أو اجرائه عليه لم يجب عليه الا ايجاد مسماه لكنه ليس كذلك فلو امر المولى عبده بغسل ثوب نظيف يتنفر طبعه عن لبسه بواسطة بعض الأشياء المقتضية له ككونه ثوب ميت ونحوه ليس للعبد الاجتزاء في امتثاله بمجرد طرحه في الماء واخراجه لانصراف الامر بالغسل عن مثل هذا الفعل قطعا بل عدم كونه مصداقا للغسل عرفا * (نعم) * لو عصره بعد اخراجه أو فركه في ماء كثير ليس من شأنه التغير بالقذارات لا يبعد صدق اسم الغسل عليه لدى العرف فان لاستخراج ما جذبه الثوب من الماء بالعصر ونحوه تأثير في النفس في رفع التفرة الحاصلة للطبع من هذا النحو من القذارات الحكمية التي ليس لها حقيقة متأصلة و القذارات الحكمية الشرعية أيضا لا يبعد أن تكون من هذا القبيل فيحتمل ان يكون للعصر وشبهه دخل في ازالتها فيجب والحاصل ان مفهوم النظافة والنزاهة حقيقية كانت أو حكمية اجمالا مأخوذ في مهية الغسل فلابد من القطع بحصوله في رفع اليد عن استصحاب النجاسة ولا يحصل القطع بذلك الا بالعصر فيما يتعارف عصره لدى غسله من الثياب ونحوها فيجب ولعله إلى هذا نظر من قال في العبارة المتقدمة من المدارك انا نظن انفصال اجراء النجاسة مع الماء بالعصر بخلاف الجفاف المجرد يعنى تخيل انفصالها بالعصر وقد عرفت ان هذه الدعوى في محلها فما أورده عليه صاحب المدارك من أنه دعوى بلا دليل في غير محله مع أن قوله موافق للأصل فعلى خصمه القائل بكفاية مطلق الانفصال اثباته ومما يؤيده اشتراط العصر ما عن الفقه الرضوي قال وان أصابك بول في ثوبك فاغسله من ماء جار مرة ومن ماء راكد مرتين ثم اعصره وان كان بول الغلام الرضيع فتصب عليه الماء صبا وان كان قد اكل الطعام فاغسله لكن ظاهره اعتبار عصره بعد الغسلتين في البول الذي يعتبر في غسله العدد لا العصر في كل غسلة كما هو ظاهر المتن وغيره وقد اسند صاحب الحدائق
(٦٠٠)