مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٠٦
ريب في أنه أحوط ثم إنه يظهر مما حكى عن الشهيد في الذكرى ان المراد باشتراط الورود بقاء الماء بصفة الواردية والجريان إلى تمام زمان الغسل ولذا خص اعتباره بغير غسل الأواني ونحوها مما أمكن فيه رعاية هذا الشرط واحتمل في ذيل كلامه الاكتفاء بوروده في أول زمان الملاقاة فلا يكون غسل الأواني ونحوها مستثنى مما اعتبر فيه هذا الشرط قال في محكى الذكرى الظاهر اشتراط ورود الماء على النجاسة لقوته بالعمل إذ الوارد عامل والنهى عن ادخال اليد في الإناء فلو عكس نجس الماء ولم يطهر وهذا ممكن في غير الأواني وشبهها مما لا يمكن فيه الورود الا ان يكتفى بأول وروده ثم قال مع أن عدم اعتباره مطلقا متوجه انتهى وعن بعض انه بعد أن حكى عبارة الذكرى وقوله فيها بالاكتفاء في الأواني وشبهها بأول وروده قال الحق انه لايراد بالورود أكثر من هذا والا لم يتحقق الورود في شئ مما يحتاج فصل الغسالة عنه إلى معونة شئ اخر انتهى أقول بناء على اشتراط الورود لافرق بين الأواني وشبهها وبين ما ينفصل عنه الغسالة بسرعة فيعتبر في غسل الأواني أيضا ايصال الماء المستعمل في تطهير ها إلى كل جزء جزء من اجزائها بطريق الورود فلو عكس لم يظهر فيعتبر في غسل الانية مثلا صب الماء فيها وادارته إلى أن يستوعبها الماء بحيث يكون الماء الواصل إلى كل جزء جزء من اجزائها واردا عليه فلو وقف الماء في الانية ووصل إليه أطرافها على وجه صار الماء بالنسبة إليها مورودا لم يجز فالفرق بين الأواني وشبهها وبين غيرها انما هو في سرعة انفصال الغسالة عنه وعدم استقرارها معه وبطؤه وهذا لا ينافي اشتراط كون ما يستعمل في التطهير واردا على الاطلاق فليتأمل ثم اعلم أن ما ذكرناه انفا من وجوب عصر الثياب أو ما يفيد فائدته انما هو فيما عدا بول الصبي الذي لم يأكل واما فيه فلا يجب ذلك كما نبه عليه المصنف بقوله الا من بول الرضيع فإنه يكفي صب الماء عليه بلا خلاف فيه على الظاهر كما يشهد له حسنة الحلبي أو صحيحته قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي قال يصب عليه الماء وان كان قد اكل فاغسله غسلا والغلام والجارية في ذلك شرع سواء وعن الفقه الرضوي وان كان بول الغلام الرضيع فصب عليه الماء صبا وان كان قد اكل فاغسله والغلام والجارية سواء ولا يعارضهما موثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن بول الصبي يصيب الثوب فقال اغسله قلت فإن لم أجد مكانه قال اغسل الثوب كله فان هذه الرواية بحسب الظاهر مسوقة لبيان نجاسته فالمراد بغسل الثوب تطهيره بالماء وقد دل الخبران المتقدمان على أن تطهيره يحصل بصب الماء عليه فيكون المراد بالغسل ما يعم الصب أو ان المراد به خصوص الغسل المقابل للصب وقد تعلق الامر به بالخصوص بلحاظ كونه مجزيا مطلقا سواء كان الصبي رضيعا أو غير رضيع فيكون تعلق الامر به بالنسبة إلى الرضيع باعتبار كونه مجزيا لا متعينا وعلى تقدير كون المراد بالصبي خصوص الرضيع أيضا لا تنافي بين الروايات فان الغسل أكمل افراد الواجب فالامر به للوجوب التخييري لا العيني ولا ضير فيه والحاصل ان الخبرين الأولين نصان في كفاية الصب المقابل للغسل فلا يعارضهما ظهور المضمرة في لعين الغسل واحتمل الشيخ ان يكون المراد بالصبي في هذه الرواية من اكل الطعام ولا يخفى ما في حملها على ارادته بالخصوص من البعد وكذا لا يعارضهما خبر الحسين بن أبي العلا قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصبي يبول على الثوب قال تصب عليه الماء قليلا ثم تعصره لقصوره عن المكافئة من حيث السند واعراض الأصحاب عن ظاهره مع ما فيه من الاشعار بعدم إرادة الغسل المعتبر في سائر النجاسات فالامر بعصره منزل على الاستحباب أو انه جار مجرى العادة واحتمل في المدارك تنزيله على ما إذا توقف عليه اخراج عين النجاسة من الثوب وفيه نظر لأن مقتضى الاطلاق وجوبه مطلقا مع أن استخراج العين بالعصر ان كان لدى استهلاكها في الماء الوارد عليه لم يجب والا فلا يجدى لأن غلبة المطهر وقاهريته شرط في التطهير جزما وكيف كان فلا اشكال في الحكم لكن ظاهر الصحيحة وكذا الرضوي جريان الحكم في الصبية أيضا كما حكى عن ظاهر الصدوقين واختاره في الحدائق وهو خلاف ما ذهب إليه الأكثر بل المشهور حيث خصوه بالصبي فلا يبعد ان يستكشف من اعراض المشهور عن هذا الظاهر كون قوله (ع) والغلام والجارية في ذلك شرع سواء راجعا إلى خصوص الجملة الأخيرة أعني قوله وان كان قد اكل ويحتمل أيضا إرادة مساواتهما في أصل النجاسة لافى كيفية التطهير وربما يشهد لما عليه المشهور ما في بعض الأخبار من التفصيل بينهما مثل العاميين المروتين عن النبي صلى الله عليه وآله في محكى الناصريات وغيره أحدهما يغتسل من بول الجارية وينضح على بول الصبي ما لم يأكل وثانيهما ان النبي صلى الله عليه وآله اخذ الحسن بن علي فأجلسه في حجره فبال عليه قال فقلت له لو اخذت ثوبا فأعطيتني ازارك فاغسله فقال انما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر والمروى عن زينب بنت جحش عن النبي صلى الله عليه وآله انه دعا بماء فصب على بول الحسين (ع) ثم قال يجزى الصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية الحديث ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا (ع) قال لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل ان يطعم لأن لبنها يخرج من مثانة أمها ولبن الغلام لا يغسل منه الثبوت ولا بوله قبل ان يطعم لأن لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين لكن ظاهر هذه الرواية طهارة بول الغلام كما أن ظاهرها نجاسة لبن الجارية فيحتمل جريها مجرى التقية كما أنه يؤيد ذلك كون راويه عاميا كما أن ما في العاميين من الامر بالنضح على بول الصبي يشعر بطهارته فيشكل الاعتماد على مثل هذه الروايات مع ما فيها من ضعف السند لكن مع ذلك كله لا يبعد دعوى انجبارها بالنسبة إلى ما فيها من غسل بول الأنثى بشهرته بين الأصحاب فالقول به كما هو المشهور لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط والله العالم تنبيهات الأول المراد بالرضيع هو الغلام المتغذى
(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»