مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٩٤
وصوله إلى الثوب كدم ذبحه لا مطلق دمه وهو كما ترى * (وكيف) * كان فقد ظهر لك في الفرع السابق بطلان دعوى الانصراف في مثل هذه الموارد بواسطة الندرة وان الشك في حكم الدم في هذه الموارد ليس الا لخصوصيات اخر لولا تلك الخصوصيات لم يكن يرتاب أحد في استفادة حكمه من هذه الأدلة كما أنه لو لم يكن الحكم الذي تضمنته هذه الروايات العفو الغير المناسب لدم نجس العين بل كان حكما اخر كوجوب إعادة الصلاة ولو مع الجهل به أو وجوب غسل الثوب الذي رأى فيه الدم خمس مرات مثلا لم يكن يتوهم أحد انصرافها عن دم الكافر وشبهه فمنشأ توهم الانصراف ليس الا سائر الخصوصيات التي لا ينبغي الالتفات إليها ما لم تتحقق صارفيتها للاطلاق لا ندرة الابتلاء والا فرب دم يكون فرض الابتلاء به ابعد من دم نجس العين بمراتب ومع ذلك لا يرتاب أحد في استفادة حكمه من هذه الروايات كدم الضأن والمعز الجبليين وغيرهما من الحيوانات الوحشية والطيور التي يحل اكلها مع أنه ربما يكون فرض الابتلاء به مجرد الفرض فضلا عن ندرته كما هو واضح * (ثم) * ان مقتضى ظاهر النصوص والفتاوى بل صريح كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية عدم الفرق في دم ما يؤكل لحمه ومالا يؤكل وربما يشكل ذلك بمعارضة اخبار العفو بالنسبة إلى دم غير المأكول لموثقة ابن بكير الواردة في باب الصلاة قال سئل زرارة أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه املاء رسول الله صلى الله عليه وآله ان الصلاة في وبر كل شئ حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسد لاتقبل تلك الصلاة حتى يصلى في غيره مما أحل الله اكله الحديث والمراد بعموم كل شئ بحسب الظاهر بقرينة ما قبله هو الاجزاء والفضلات التي لها نحو استقلال وعنوان في العرف كاللحم والعظم والشحم والدم ونحوها فمثل هذه الأشياء بعناوينها الاجمالية افراد للعام فاستفادة عدم جواز الصلاة في اللحم القليل أو الدم القليل مثلا من هذه الرواية انما هي بالاطلاق لا بالعموم كما أن دلالتها على عدم جواز الصلاة في البول القليل أيضا ليست الا باطلاق لكنها كادت تكون صريحة في الاطلاق فيشكل التصرف فيها بالاخبار المتقدمة خصوصا مع ما هو المغروس في النفس من استبعاد العفو عن قليل من الدم مع نجاسته وعدم العفو عن قليل من سائر فضلاته الظاهرة ولذا قد يقوى في النظر عدم العفو عن دم غير المأكول مطلقا كما هو خيرة كاشف الغطاء على ما حكى عنه ولكن مع ذلك الأقوى خلافه لا لمجرد دعوى اعتضاد عموم اخبار العفو بالنسبة إلى مورد المعارضة بفهم الأصحاب وعملهم ونقل اجماعهم المعتضد بالشهرة وعدم نقل خلاف يعتد به بل لضعف ظهور الموثقة في إرادة الدم من عموم كل شئ بل عدم ظهوره فيه فان سياق الرواية يشهد بان المراد بعموم كل شئ هو الأشياء التي يكون المنع من الصلاة فيها ناشئا من حرمة الاكل بحيث لو كان حلال الاكل لكانت الصلاة فيها جائزة فمثل الدم والمني خارج مما أريد بهذا العام كما يؤيد ذلك بل يشهد له قوله (ع) بعد ذكر هذه الرواية ونقلها من رسول الله صلى الله عليه وآله والامر بحفظها يا زرارة فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكى وقد ذكاه الذبح وان كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله وحرم عليك اكله فالصلاة في كل شئ منه فاسد ذكاه الذبح أو لم يذكه إذا الظاهر على ما يشهد به سوق الرواية ان المراد بكل شئ في الفقرة الأولى والثالثة ليس الا الأشياء التي أريد منه في الفقرة الثانية بل قوله (ع) فإن كان [الخ] بحسب الظاهر تفريع على كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وبيان لما يفهم من الوصف الواقع فيه فيجب ان يتحد موضوعهما والله العالم * (تنبيه) * لافرق في الدم الذي هو أقل من الدرهم مما عرفت العفو عنه في الثوب والبدن بين ان يكون مجتمعا أو متفرقا بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال لدلالة الأخبار المتقدمة عليه بل صراحة بعضها فيه واما ما زاد عن ذلك فإن كان مجتمعا فقد عرفت انه تجب ازالته بلا خلاف فيه في الجملة نصا وفتوى واما ان كان متفرقا فقد اختلفوا فيه على أقوال قيل هو عفو فيلاحظ كل جزء جزء في حد ذاته موضوعا مستقلا للحكم و قد حكى هذا القول عن كثير من القدماء والمتأخرين بل عن الذكرى نسبته إلى المشهور وقيل تجب ازالته كالمجتمع وحكى هذا القول أيضا عن جملة من القدماء والمتأخرين بل عن بعض نسبة إلى الشهرة وعن آخرين إلى أكثر المتأخرين وقيل لا تجب ازالته الا يتفاحش كما عن نهاية الشيخ و معتبر المصنف واستدل للقول الأول بمرسلة جميل عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) انهما قالا لا بأس بان يصلى الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا شبه النضح وان كان قد رآه صاحبه قبل ذلك فلا بأس به ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم وصحيحة عبد الله (ع) أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في دم البراغيث قال ليس به باس قال قلت له انه يكثر ويتفاحش قال وان كثر قلت فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسى ان يغسله فيصلى ثم يذكر بعدما صلى أيعيد صلاته قال يغسله ويعيد صلاته الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة وعن العلامة في المختلف الجواب عن الاستدلال بالصحيحة بان مجتمعا كما يحتمل ان يكون خبرا ليكون يحتمل ان يكون حالا مقدرة واسمها ضمير يعود إلى نقط الدم ومقدار خبرها والمعنى الا ان يكون نقط الدم مقدار الدرهم إذا قدر اجتماعها انتهى وأورد عليه بوجوه أوجهها انه على تقدير كونه حالا أيضا ظاهرها إرادة الاجماع الفعلي لا الفرضي توضيح المقام انه يحتمل ان يكون مقدار الدرهم بالرفع اسما ليكون ومجتمعا خبره ومقتضاه كون العفو عن مقدار الدرهم في الجملة معروفا لديهم ويحتمل ان يكون بالنصب خبرا ليكون ومجتمعا خبرا بعد خبر نظير قولنا هذا
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 ... » »»