مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١٦
فإن كان عالما بتحقق موضوع ذاكرا له حال الصلاة أعادها في الوقت وخارجه سواء علم بحكمه الوضعي أعني نجاسة ذلك الشئ والتكليفي أي وجوب ازالته في الصلاة أم لم يعلم شيئا منهما فان هذا هو الذي يقتضيه ما دل على اشتراط الصلاة بطهارة الثوب والبدن لأن المشروط ينعدم بعدم شرطه فالصلاة الفاقدة للشرط باطلة يجب اتيانها ثانيا في الوقت أوفى خارجه اما في الوقت فواضح واما في خارجه فلما ثبت نصا واجماعا انه يجب على من فاتته فريضة ان يأتيها في خارج الوقت فما في المدارك من الاستشكال في وجوب القضاء عليه بعد خروج الوقت لو أخل بها جهلا نظرا إلى أن القضاء بأمر جديد ولم يثبت مما لا ينبغي الالتفات إليه واما ما استشكله تبعا لشيخه الأردبيلي قدس سرهما في جواز تكليف الحاصل ومؤاخذته على ما جهله فهو أجنبي عما نحن فيه لأن عدم التكليف بالشرط لا ينفى الشرطية كما سنوضحه انشاء الله في بعض المقامات المناسبة هذا مع ما عرفت في مبحث غسل الجنابة من فساد الاستشكال من أصله واضعف من ذلك ما قد يتوهم من اختصاص شرطيتها بالعالمين بالحكم فإنه غير معقول لأنه دور صريح وما ثبت في بعض الموارد من اختصاص الحكم بالعالمين به كما في الجهر والاخفات فلا بد من توجيهه هذا مع أن أغلب الاخبار الامرة بإعادة الصلاة الواقعة مع شئ من النجاسات انما وردت في الجاهل ببطلان صلاته مع ذلك الشئ اما لجهله بحكمه الوضعي أو التكليفي فهو على كل تقدير جاهل باشتراط صحة الصلاة بالتجنب عن ذلك الشئ وكيف كان فالمتبادر من الامر بإعادة الصلاة الوارد في الاخبار انما هو إرادة فعلها ثانيا بحسب ما يقتضيه تكليف المكلف على تقدير بطلان صلاته الأولى من غير تقييد بكونها في الوقت وكون الإعادة ظاهرة في هذا المعنى في مقابل القضاء انما هو في عرف الفقهاء والمتشرعة لا في الاخبار فاطلاق الامر بالإعادة في تلك الأخبار حجة مؤكدة على من انكر ثبوت القضاء في الفرض وكيف كان فلا اشكال في وجوب الإعادة والقضاء على تقدير ترك الإزالة عمدا أو جهلا بحكمه التكليفي أو الوضعي بل لا خلاف فيه على الظاهر وما صدر من صاحب المدارك مجرد استشكال في غير محله وان كان جاهلا بالموضوع بان لم يعلم بوجود النجاسة ثم علم بعد الصلاة لم يجب عليه الإعادة مطلقا لافى الوقت ولا في خارجه على الأشهر بل المشهور وحكى عن بعض القول بالإعادة مطلقا لكن لم يتحقق قائله وعلى تقدير وجوده فهو محجوج مما ستعرف وقيل يعيد في الوقت لافى خارجه كما عن جملة من القدماء والمتأخرين وحكى عن بعض التفصيل بين من شك ولم يتفحص وبين غيره فيعيد الأول دون غيره والأول أظهر لا لما قد يتوهم من قصور أدلة اشتراط إزالة النجاسة عن شمول صورة الجهل بالموضوع نظرا إلى أن جلها وردت بلفظ الامر بالغسل أو النهى عن الصلاة مع النجس ولا يتنجز التكليف بالفعل أو الترك على الجاهل بالموضوع فالشرطية المنتزعة عنهما تختص بمن تنجز في حقه التكليف وهو العالم بالموضوع نظير شرطية إباحة المكان المنتزعة من النهى عن الغصب فان هذا التوهم ضعيف إذ لافرق في استفادة اطلاق الشرطية بين ان يعبر في مقام بيان الاشتراط بجملة خبرية وقع التصريح فيها بالاشتراط بان يقول مثلا الطهارة من الحدث أو الخبث شرط في الصلاة وبين ان يبينه بصيغة الامر بان يقول اغسل ثوبك للصلاة أو إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ووجهه ان الأوامر الغيرية المتعلقة بالشرائط أو الاجزاء المعتبرة في طبيعة الصلاة ونحوها مسوقة لبيان الشرطية والجزئية ومسببة عن اعتبار تلك الشرائط والاجزاء في الطبيعة فقوله اغسل ثوبك للصلاة عبارة أخرى من أن غسل الثوب شرط في الصلاة وقياس الشرايط المستفادة من الأوامر الغيرية التي يكون الامر بها مسببا عن شرطيتها على الشرائط المسببة عن التكاليف النفسية كحرمة الغصب قياس مع الفارق وسيأتي لذلك مزيد توضيح في بعض المقامات المناسبة من كتاب الصلاة انشاء بل للأخبار المستفيضة الدالة عليه منها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى وفى ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته فقال إن كان لم يعلم فلا يعيد وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال وسئلته عن رجل يصلى وفى ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم قال مضت صلاته ولا شئ عليه وخبر ابن سنان قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم قال إن كان قد علم أنه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل ان يصلى ثم صلى فيه ولم يغسله فعليه ان يعيد ما صلى وان كان لم يعلم فليس عليه إعادة وصحيحة الجعفي عن أبي جعفر (ع) قال في الدم يكون في الثوب ان كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة ان كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته وان لم يكن رآه حتى صلى فلا يعيد صلاته وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك الإعادة إعادة الصلاة وان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رايته بعد فلا إعادة عليك وكذلك البول وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له أصاب ثوبي دم رعاف إلى أن قال قلت و ان لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما ان صليت وجدته قال تغسله وتعيد الصلاة قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئا ثم صليت فرأيت فيه قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا الحديث ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه وفى صحيحة علي بن جعفر الآتية في الناسي المروية عن قرب الإسناد وان كان رآه وقد صلى فليعتد بتلك الصلاة
(٦١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 611 612 613 614 615 616 617 618 619 620 621 ... » »»