مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٦٠
اشكال في أصل الحكم بل عن جامع المقاصد وغيره الاستشكال في وجوب الوضوء والغسل وعدم جواز التيمم عند الخوف من المرض اليسير نظرا إلى أنه أشد ضررا من الشين الذي سوغوا التيمم له وانه لا وثوق بيسير المرض من أن لا يصير شديدا ويتوجه عليه ان المرض الذي لا يأمن من شدته وكذا ما كان أشد من الشين المسوغ للتيمم خارج من المفروض اما الأول فواضح واما الثاني فلما ستعرف من اعتبار الحرج في الشين المسوغ للتيمم كاعتباره في المرض الذي يخاف من حدوثه نعم لا يعتبر ذلك لدى خوف المريض زيادة مرضه باستعمال الماء أو تحصيله فإنه يتيمم وان لم يكن ما يخاف منه في حد ذاته مما يشق تحمله لعدم انحصار مستنده بلا حرج أو الاجماع الذي يمكن ان يقال فيه انه دليل لبى لا يفهم منه أزيد من ثبوت الحكم في موارد الحرج بل يدل عليه مضافا إلى ذلك قوله [تع] وان كنتم مرضى [الخ] فان مقتضى اطلاقه جواز التيمم للمريض مطلقا لكن علم بشهادة الاجماع وغيره عدم إرادة هذا النحو من الاطلاق منه والقدر المتيقن من تقييده بل المتبادر منه عرفا بعد صرفه عن هذا الظاهر لو لم نقل بأنه هو الظاهر منه في حد ذاته بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان ليس الا إرادة التيمم عند الخوف من زيادة المرض أو نحوها باستعمال الماء أو تحصيله أو إذا كان شق عليه ذلك ويدل عليه أيضا جملة من الاخبار مثل خبر محمد بن مسكين عن أبي عبد الله عليه السلام قال قيل له ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه الا سألوا الا يمموه ان شفاء العى السؤال ونحوه مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (ع) الا أنه قال قيل له يا رسول الله وذكر الحديث ومرسلته الأخرى عن أبي عبد الله (ع) نحوه بأدنى اختلاف وخبر جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي عبد الله (ع) قال ذكر ان رجلا اصابته جنابة على جرح كان به فامر بالغسل فاغتسل فكز فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قتلوه قتلهم الله انما كان دواء العى السؤال وصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن الرجل يكون به القرح والجراحة يجنب قال لا بأس بان لا يغتسل يتيمم ومرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (ع) قال يتيمم المجدور والكسير ولا يغتسلان وصحيحة البزنطي عن الرضا (ع) في الرجل يصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد فقال لا يغتسل ويتيمم ونحوها صحيحة داود بن السرحان عن أبي عبد الله (ع) وتقريب الاستدلال بهذه الروايات ان الغالب في مواردها هو الخوف من الضرر لا القطع بذلك و كيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنه يجوز للمريض ان يتيمم عند خوفه من أن يتضرر بالوضوء والغسل ضررا يعتد به في العرف والعادة كي يندرج بذلك في موضوع الأدلة من ظاهر الكتاب والسنة ومعاقد الاجماعات المحكية وان لم ينته إلى حد لا يتحمله العقلاء حتى ينفيه أيضا قاعدة نفى الحرج ولا ملازمة بين الامرين كما هو واضح ولافرق في جواز التيمم بين كونه محدثا بالحدث الأصغر والأكبر ولا بين حدوثه اختيارا أو اضطرارا لكن ورد في بعض الأخبار ما ينافيه في الجملة مثل صحيحة سليمان عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل كان في ارض باردة فتخوف ان هو اغتسل ان يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع قال يغتسل وان اصابه ما اصابه قال وذكر انه كان وجعا شديد الوجع فاصابته جنابة وهو في مكان بارد وكانت ليلة شديدة الريح باردة فدعوت الغلمة فقلت لهم احملوني فاغسلوني فقالوا انا نخاف عليك فقلت ليس بر فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا على الماء فغسلوني وصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل تصيبه الجنابة في ارض باردة ولا يجد الماء وعسى ان يكون الماء جامدا فقال يغتسل على ما كان حدثه رجل انه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد فقال اغتسل على ما كان فإنه لابد من الغسل وذكر أبو عبد الله (ع) انه اضطر إليه وهو مريض فأتوا به مسنجنا؟ فاغتسل وقال لابد من الغسل ومرفوعة علي بن أحمد عن أبي عبد الله قال سئلته عن مجدور اصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل وان كان احتلم فليتيمم ومرفوعة إبراهيم بن هاشم قال إن أجنب فعليه ان يغتسل على ما كان منه وان احتلم فليتيمم وحكى عن الشيخ في الخلاف والمفيد في المقنعة والصدوق في هدايته القول بوجوب الغسل على من أجنب متعمدا دون غيره ويظهر من الوسائل اختياره وفى المستند التصريح بذلك للجمع بين الاخبار بشهادة المرفوعتين لكن خصه في المستند بما إذا لم يخف على نفسه التلف جمعا بينها وبين الاخبار المصرحة بعدمه عند خوف التلف كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله في الرجل يصيبه الجنابة في الليلة الباردة فيخاف على نفسه التلف ان اغتسل فقال يتيمم ويصلى فإذا امن البرد اغتسل وأعاد الصلاة ولعمري ان الذي جراه على هذا التفصيل الذي لم يقل به أحد من هؤلاء الذين وافقهم في القول أعني استثناء صورة خوف التلف ماراه من عدم امكان الالتزام بوجوب تعريض النفس للهلكة من دون ان يقتضيه امر أهم في نظر الشارع من حفظ النفوس كما في باب الجهاد والقصاص والحدود والا فليس ارتكاب التأويل في هذه الصحيحة بأبعد من غيرها وكيف كان فهذه الأخبار ان أمكن توجيهها على وجه لا ينافي ما عرفت فهو والا فيجب رد عملها إلى أهله فان ظاهرها وجوب الغسل حتى مع العلم بالضرر بل التلف فلو لم يكن فيها الا ما أشرنا إليه من حرمة تعريض النفس للهلكة أو أهمية حفظ النفوس من ساير الواجبات النفسية فضلا عن الوضوء أو الغسل الذي جعل الشارع له بدلا اضطراريا سوغه أدنى ضرورة كما في ساير المقامات كفى دليلا لعدم جواز العمل بها وتوهم كونه عقوبة للمتعمد فلا ينافي حكم الشرع والعقل بقبح الاقدام على الهلكة كما في الحدود والقصاص مدفوع بان مقتضاه حرمة ايجاد سببه وهو الجنابة
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»