مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٦٤
جهته القاهرة فلا يكون ما يوجده المكلف من حيث صدوره منه الا حسنا أو قبيحا على سبيل منع الجمع لامتناع توارد الوصفين المتضادين على الفعل الخاص الصادر من المكلف من حيث صدور منه الذي لا يتصف بشئ من الصفتين الا من هذه الحيثية ويتبعها الطلب الشرعي على ما يقتضيه قواعدنا فالفرد الخارجي من الصلاة الذي يتحقق به الغصب المحرم على الاطلاق يمتنع ان يطلبه الشارع ولو مشروطا باي شرط يتصور من دون فرق بين ان يطلبه لذاته أو للتوصل به إلى امر اخر فان الامر بشئ في الجملة ينافي النهى عنه على الاطلاق وبما ذكرنا ظهر فساد ما قد يتوهم من أن الممتنع انما هو الامر بايجاد الفرد منجزا واما الامر بايجاده على تقدير ارتكاب المعصية بان يكون العاصي بارتكاب المحرم مكلفا باختيار الفرد المشتمل على المصلحة من دون ان يكون الامر مقتضيا لايجاد المعصية فلا * (توضيح) * فساده انه لو كان المانع من اجتماع الامر والنهى مجرد تعذر الامتثال مع قيام مقتضى الطلبين بالفعل لكان للتوهم المذكور مجال كما سيتضح لك تقريبه في المسألة الآتية لكنك عرفت ان عمدة المانع انما هي امتناع صيرورة الفعل القبيح الذي يعاقب عليه حسنا حتى يحسن طلبه * (ان قلت) * نحن نرى بالوجدان انه إذا أحب المولى مثلا احضار زيد في داره وتعذر ذلك الا إذا كان راكبا فلم يأمر به المولى لكراهة دخول أحد عليه راكبا فلو اختار العبد معصية سيده فيما نهاه عنه من أن يدخل عليه راكبا استقل العقل بان ادخال زيد أحسن وحيث استقل العقل بحسن اختيار هذا الفرد على تقدير المعصية بل وجوبه رعاية لتحصيل غرض المولى مهما أمكن فلا مانع من أن يكلفه مولاه بذلك على نحو ما يستقل به عقته ولا يقبح مؤاخذته على ترك اختياره عن المعصية كما نلتزم بمثله في ترك غير الأهم من الواجبين المتزاحمين * (قلت) * هذا انما هو في التوصليات التي يتحقق الغرض بمجرد حصول الفعل كيفما اتفق وليس الزام العقل بوجوب اختيار الفرد المحصل للغرض لأجل صيرورته بعد اختيار المعصية حسنا مقربا للعبد إلى سيده بل كيف يعقل ان يطاع السيد فيما يعصى ويعاقب عليه فالفعل الخارجي الصادر من العبد من حيث صدوره منه لا يكون الا قبيحا بعد فرض قاهرية جهته المقبحة وحسن العقاب عليه وانما العقل بل وكذا المولى قد يحكم بوجوب اختيار الفرد المشتمل على مصلحة مقهورة من باب الارشاد إلى ارتكاب أقل القبيحين نظير الامر باختيار الخضخضة على الزنا عند إرادة معصيته الشارع في حفظ الفرج ضرورة ان الفرد الذي لا مصلحة فيه رأسا أقبح مما فيه مصلحة مقهورة فيجب اختياره عند الدوران من باب أقل القبيحين لكن لا يفعل ذلك في التعبديات التي لا مصلحة فيها الا إذا تحققت بداعي التقرب المتعذر حصوله بفعل ما هو مبغوض بالفعل فالصلاة في الدار المغصوبة لا مصلحة فيها أصلا كي يتعين اختيارها على ساير انحاء التصرف في الغصب بل مفسدتها أكثر لاشتمالها على قبح التشريع وقد ظهر بما ذكرنا وجه البطلان في المسألة الثانية وهى ما إذا توقف فعل الوضوء أو الغسل على مقدمة محرمة فان الامر بما يتوقف على القبيح أيضا كالأمر بالقبيح قبيح بل هو هو فان الامر بالشئ يقتضى ايجاب ما يتوقف عليه ولا أقل من أنه يقتضى جوازه والمفروض حرمة المقدمة فيمتنع ان يكون ما يتوقف عليها واجبا لكن التفصي عن شبهة جواز الامر بالوضوء على سبيل الترتب كما في غير الأهم من المتزاحمين في هذه المسألة أصعب من التفصي عنه في المسألة السابقة إذ ليس في فعل ذي المقدمة من حيث هو مفسدة عدا توقفه على محرم فيكون حكم العقل بقبح طلبه لاقتضائه الاذن فيما هو منهى عنه بالفعل أو التكليف بما لا يطاق وهذا انما هو فيما إذا أوجب عليه ايجاده منجزا واما إذا أوجبه على تقدير اتيانه بالحرام فلا إذ لا يصلح شئ من الامرين مانعا من التكليف المعلق على العصيان فان العاصي بفعل المقدمة قادر على ايجاد ذي المقدمة والتكليف المعلق عليه لا يقتضى وجوب ايجاده حتى يستلزم صيرورة المنهى عنه مأمورا به إذ المفروض انه لا يتنجز التكليف الا على تقدير العصيان فيكون تحقق العصيان من المقدمات المتقدمة على الفعل واما المقدمات الوجوبية للواجب المشروط ولا ضير فيه لا يقال هذا انما يتصور بالنسبة إلى المقدمات المتقدمة على الفعل واما المقدمات المقارنة له أو المتأخرة عن الشروع فيه كالاعتراف من الانية المغصوبة لغسل اليدين في الوضوء فلا إذ لا يعقل ان يكون العصيان الذي لم يتحقق الا بعد الاخذ في الفعل ان يكون شرطا لوجوبه لامتناع تقديم المعلول على علته ولا يصح ان يكون العزم على المعصية شرطا للوجوب فان العزم عليها لا يبيحها ولا يخرج فعلها من كونه مقدمة لايجاد ذي المقدمة حتى يتنجز التكليف به على تقدير حصول العزم بل يجب عليه نقض العزم وترك المحرم لا ايجاد ما يقتضيه لأنا نقول كونه عاصيا في الواقع شرط في جواز تكليفه بذى المقدمة نظير اشتراط سائر التكاليف بكونه قادرا على الامتثال ومرجع هذا النحو من الشرط إلى أن الطلب الشرعي تعلق بمن يعصى في فعل المقدمة ويقدر على ايجاد المأمور به فعزمه على المعصية طريق لاحراز كونه من مصاديق هذا العنوان من دون ان يجب عليه تحصيله كسائر المفاهيم المأخوذة عنوانا لسائر الأحكام من كونه مسافرا وحاضرا أو نحوهما فكما يجوز ان يكلف المسافر بشئ من دون ان يوجب عليه المسافرة فكذلك يجوز تكليف العاصي بفعل المقدمة ان يأتي بذى المقدمة الا ترى
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»