أبى العلا مثله الا أنه قال ليس عليه ان ينزل الركبة ان رب الماء الحديث وعن عبد الله ابن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا اتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغترف به فتيمم بالصعيد فان رب الماء هو رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه سئل عن رجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة لا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة الناس قال يتيمم ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف والامر بالإعادة على الظاهر للاستحباب كيف كان فيفهم من مثل هذه الروايات ابتناء امر التيمم على التوسعة والتسهيل وعدم توقفه على العجز العقلي بل يكفي في شرعيته أدنى عذر كالمشقة أو الخوف الحاصل من النزول إلى البئر أو إثارة الوحل وصيرورة الماء مستعملا وغير ذلك مما يوجب افساد الماء على القوم وتنفر طباعهم منه وان لم يكن محذورا عقليا أو شرعيا وقد تقدم بعض الكلام في هذه الرواية في مبحث الماء المستعمل فراجع وكيف كان فالذي يستفاد من ظواهر ما دل على شرعية التيمم من الكتاب والسنة وفتاوى الأصحاب انما هو جوازه عند تعذر المائية بل تعسرها أو التضرر بها كما يقتضيه قاعدة نفى الحرج والضرر الحاكمة على العمومات المثبتة للتكاليف القاضية بعدم وجوب المائية في موقع الحرج والضرر الملزوم لجواز الترابية بالضرورة فمن وجد الماء ولكن شق عليه استعماله لبرودة أو مرض وغير ذلك مشقة لا تتحمل عادة كمن لم يجده في عدم وجوب المائية عليه وشرعية الترابية له وسيأتي مزيد توضيح لذلك [انش] وكذا ان وجده بثمن يضر به في الحال أي بحسب حاله بان يؤثر فيه وهنا من حيث الوجاهة والاعتبار أو ضيق المعيشة ونحوه من غير فرق بين ان يكون بأزيد من ثمن مثله وعدمه وبين ان يترتب الضرر الحالي في الحال أو في المستقبل اللهم الا ان يكون زمانه بعيدا بحيث لا يعتنى به في العرف على وجه يعد ضررا بالنسبة إلى حال المشترى وربما فسر الحال في العبارة بما يقابل الاستقبال ولعله الظاهر منه لكنه ضعيف لعموم قاعدة نفى الضرر والحرج بل مقتضاها عدم وجوب شرائه بأزيد من ثمن مثله مطلقا لكونه في حد ذاته تكليفا ضرريا وان لم يكن مضرا بحال المشترى بالمقايسة إليه لاستطاعته من تحمل هذه الأمور ولكن اجمعوا ظاهرا كما عن غير واحد نقله على أنه ان لم يكن مضرا في الحال لزمه شرائه ولو كان بأضعاف ثمنه المعتاد وعن بعضهم تقييد وجوب الشراء بما إذا لم يجحف في الثمن ولعل مراده كونه اجحافا بحسب حال المشترى لامن حيث هو فيئول إلى الأول و * (وكيف) * كان فمستندهم في ذلك اخبار خاصة يخصص بها عموم نفى الضرر والحرج كصحيحة صفوان قال سئلت أبا الحسن (ع) عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها ايشتري ويتوضأ أو يتيمم قال لابل يشترى قد صابني مثل ذلك فاشتريت وتوضأت وما يشترى بذلك مال كثير وعن الصدوق مرسلا عن أبي الحسن الرضا (ع) نحوه باختلاف يسير وخبر الحسين بن أبي طلحة قال سئلت عبدا صالحا عن قول الله عز وجل أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ما حد ذلك قال فإن لم تجدوا بشراء وبغير شراء قلت إن وجد قدر وضوء بمأة الف أو بألف وكم بلغ قال ذلك على قدر جدته وعن فخر الاسلام في شرح الارشاد ان الصادق (ع) اشترى وضوئه بمأة دينار ويؤيده ما عن دعائم الاسلام وقالوا في المسافر يجد الماء بثمن غال ان يشتريه إذا كان واجدا لثمنه فقد وجده الا ان يكون في دفعه الثمن ما يخاف على نفسه التلف ان عدمه والعطب فلا يشتريه ويتيمم بالصعيد ويصلى والظاهر كونه رواية مرسلة عن الأئمة عليهم السلام وكيف كان فكفى بما عرفت دليلا لاثبات الحكم وتخصيص قاعدة نفى الضرر والحرج فما عن ابن الجنيد من عدم وجوب الشراء إذا كان الماء غالا ضعيف وربما يستدل للوجوب مضافا إلى ما عرفت بصدق الوجدان وقاعدة المقدمية وفيه ان مقتضى قاعدة نفى الضرر والحرج لولا الأدلة المخصصة عدم وجوب الوضوء في الفرض كي يجب مقدمته كساير الموارد التي يتضرر به ودعوى عدم جواز العمل بعموم نفى الضرر والحرج ما لم ينجبر بعمل الأصحاب غير مسموعة خصوص في باب الوضوء الذي عملوا به في جل موارده * (نعم) * قد يخطر بالبال عدم صدق الضرر عرفا على ما لو اشترى شيئا بأزيد من ثمنه المعتاد مع علمه بمقدار ماليته لدى الحاجة إليه كما لو احتاج إلى الماء لشربه في مكان لا يباع الا بثمن خطير فالوضوء بعد ان أوجبه الشارع مقدمة للصلاة الواجبة يصير كساير المقاصد العقلائية التي لا يعد صرف المال في مقدماتها المتعارفة ضررا نعم لو توقف على ضياع مال أو تلفه أو اخذ شئ منه قهرا أو غير ذلك مما هو خارج من كونه مقدمة عرفية فهو ضرر منفى بالقاعدة لكنه لا يخلو من تأمل بل منع والعمدة ما عرفت وغاية ما يمكن استفادته من النصوص والفتاوى انما هي وجوب شرائه ما لم يكن مضرا بحاله كما أشار إليه الإمام (ع) بقوله بقدر حدته فان المتبادر منه إرادة استطاعته عرفا وكذا القول في الآلة التي يتوصل بها إلى الماء فإنه يجب شرائها ولو بأزيد من ثمن مثلها ما لم يكن مضرا بحاله لوضوح المناط فإنه لا يرتاب أحد ممن سمع بهذه الروايات في أنه كما يجب شراء الماء الذي هو مقدمة للوضوء كذلك يجب شراء الآلة التي يتوصل بها إلى الماء ولا يقاس بذلك الخسارة المترتبة على تحصيل الماء لأمور خارجة من مقدماته المتعارفة كالأمثلة التي أومأنا إليها في العبارة المتقدمة ودعوى ان ايجاب الشارع شراء الماء بمأة
(٤٥٧)