وغير ذلك من الموارد التي يكون الامر فيها بالطهارة المائية تكليفا حرجيا واما ساير الموارد التي لم تكن كذلك وانما أراد بحفظه مال الغير مجرد الاحسان إليه فهو وان كان حسنا لكنه لا يصلح عذر الرفع اليد عن التكاليف الشرعية الواجبة عليه ما لم يصرح الشارع بقبوله عذرا في مخالفتها وكذلك الكلام في الخوف على عرض الغير الذي لاتعلق له به وأراد بحفظه مجرد الاحسان إلى ذلك الغير من دون ان يترتب عليه بتركه عرفا لوم ومنقصة فان جواز التيمم في مثل الفرض مشكل نعم لو علم بكون ترك الحفظ سببا لوقوع فاحشته ونحوها من المنكرات التي علم تعلق غرض الشارع بالمنع منها وعدم وقوعها في الخارج كيفما كان جاز له التيمم وترك الطهارة المائية بل وجب عليه ذلك من باب المقدمة وهذا بخلاف صورة الخوف الذي التي لا يكون فيها الا الاحتمال الغير المنجز للتكليف فيشكل [ح] رفع اليد بسببه عن التكليف المنجز اللهم الا ان يدعى من اهتمام الشارع بالمنع من الفاحشة ونحوها القطع بكون رعاية عدم وقوعها لدى الخوف عذرا مقبولا لدى الشارع في ترك الوضوء وتبديله بالتيمم والعهدة على مدعية ومن هنا يتمشى الاشكال عند الخوف على نفس الغير أيضا إذا كان أجنبيا عنه بحيث لا يهمه حفظه كولده وبعض متعلقيه فان الامر بالوضوء لدى الخوف على الأجنبي ليس تكليفا حرجيا و وجوب حفظ نفسه المحترمة عن التلف لا يقتضى وجوب الاحتياط عند احتمال التلف كساير الشبهات الموضوعية كي يصلح عذر الترك الطهارة الواجبة لكن الظاهر عدم الخلاف في كون الخوف على النفس المحترمة مطلقا حتى البهائم في الجملة سببا لجواز التيمم كما يفصح عن ذلك ما ستسمعه من جواز التيمم لدى الخوف من العطش ولو على غيره ممن له نفس محترمة فيستكشف بذلك شدة اهتمام الشارع بحفظ النفوس وكون رعاية الاحتياط في امرها لديه من الاعذار المسوغة للتيمم كما أنه لدى أرباب المروات من أهل العرف أيضا كذلك بالنسبة إلى تكاليفهم العرفية فينحصر الاشكال فيما عدا هذه الصورة من الصور التي لا يكون التكليف فيها بالطهارة المائية حكما ضرريا أو حرجيا أو مستلزما لمخالفة تكليف وجوبي أو تحريمي * (فليتأمل) * ونظيره في الاشكال ما حكى عن غير واحد بل عن جماعة منهم نسبته إلى الأصحاب من عدم الفرق في الخوف على المال بين قليله وكثيره وهو متجه إذا كان مستند الحكم قاعدة نفى الضرر لكن لا يصح الاستناد إليها الا بعد احراز ترتب الضرر ولو بطريق ظني بناء على اعتبار الظن في باب الضرر كما هو الظاهر واما عند احتماله والخوف من ترتبه فلا يصح الاستدلال بها لان التمسك باطلاق الحكم فرع احراز موضوعه فالمستند في مواقع الخوف انما هو قاعدة نفى الحرج فلابد من أن يكون ما يخاف منه مما يشق تحمله بحيث يكون الامر بالوضوء عند الخوف من حصوله تكليفا حرجيا ولا يكاد يتحقق هذا المعنى غالبا عند الخوف على المال اليسير وما توهمه بعض من دلالة خبر يعقوب بن سالم على جوازه عند الخوف على المال وان كان قليلا قد عرفت ضعفه فالأظهر دوران الحكم عند الخوف من الضرر ما لم يحرز نفسه ولو ظنا مدار كون التكليف مع الخوف من حيث هو حرجيا ومن هنا اتجه عدم الفرق في الخوف بين كونه ناشيا من امر يقتضيه عادة أو من الجبن كما صرح به غير واحد إذ لافرق في كون التكليف لدى الخوف حرجيا بين كونه مسببا عن أسباب تورث الخوف عادة أو عن جبن ذاتي بل كونه كذلك في الجبان اظهر لأنه ربما يؤدى ذلك إلى ذهاب عقله لما فيه من ضعف القوة كما نبه عليه غير واحد فتلخص انه لو خشي تلف المال اليسير الذي لا يؤثر في صيرورة التكليف حرجيا لم يجزله التيمم واما لو علم بذلك أو ظن بناء على حجية الظن في مثله لاتجه القول بالجواز لقاعدة نفى الضرر لو لم نقل بانصرافها عن الضرر اليسير وكذا الكلام في الخوف على النفس بحدوث المرض فيها فلو خشي مرضا يسيرا يهون تحمله ولا يكون الخوف منه لدى العقلاء امرا يعتد به بحيث يصدهم عن مقاصدهم العرفية المقتضية له لم يجز التيمم كما هو ظاهر المتن ومحكى التحرير وعن المعتبر والمبسوط التصريح بذلك بل عن الأخير نفى الخلاف عنه واما لو خشي المرض الشديد والذي لا يتحمل في العادة بمعنى ان العقلاء يجتنبون عما يقتضيه مهما أمكن ولو لأجل طول مدة المرض أو عسر علاجه يتيمم بلا اشكال بل ولا خلاف فيه في الجملة بل اجماعا كما صرح به بعض ويشهد له ما ستسمعه في الخوف من الشين ويدل عليه مضافا إلى الاجماع وقاعدة نفى الحرج بعض الأخبار الدالة على جوازه عند الخوف من البرد مثل صحيحة داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه جرح أو قرح أو يخاف على نفسه من البرد فقال لا يغتسل ويتيمم ونحوها صحيحة البزنطي عن الرضا (ع) وظاهرها كصريح صحيحة ابن سنان الآتية إرادة الخوف على نفسه بحدوث مرض فيها أو تلف بسبب البرودة لا مجرد التألم منه فيدل على المطلوب والمتبادر من مثل هذه العبارة إرادة المرض الذي يخاف معه على النفس لا مطلق المرض بحيث يشمل اليسير وقد يستدل بهذه الصحيحة لجواز التيمم لدى البرد الشديد الذي يشق تحمله وان امن ضرره وفيه نظر ظاهر والعمدة فيه ما عرفت من أدلة نفى الحرج وربما يستدل لما نحن فيه مضافا إلى ما عرفت بقاعدة نفي الضرر وبآية التهلكة وفيه ما عرفت انفا من أن الاستدلال بالقاعدة فرع احراز موضوعها ولو ظنا واما الآية فالمتبادر منها بقرنية عدم احراز التهلكة غالبا الا بعد وقوعها النهى عن الاقدام على ما فيها امارة الهلكة بحيث يكون الاقدام عليها اشرافا على الهلكة عرفا وهو أخص من مطلق الخوف كما هو واضح مع أن القاء النفس في المرض الذي لا يخاف عنده من الهلاك لا يعد عرفا من الالقاء في التهلكة وكيف كان فلا
(٤٥٩)