مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٦٢
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل اصابته جنابة في السفر وليس معه الا ماء قليل ويخاف ان هو اغتسل ان يعطش قال إن أخاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم فان الصعيد أحب إلى وصحيحة الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع) الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم فقال بل يتيمم وكذلك إذا أراد الوضوء وموثقة سماعة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال يتيمم بالصعيد ويستبقى الماء فان الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد وخبر ابن أبي يعفور قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب ومعه ماء قدر ما يكفيه لشربه أيتيمم أو يتوضأ به فقال يتيمم أفضل الا ترى انه جعل عليه نصف الطهور وكذا جاز له التيمم لو خاف العطش على غيره [مط] على الأظهر ادميا كان أم غيره مما تعلق الغرض شرعا أو عرفا بحفظه ورى كبده من الظماء كما هو الشان في ساير الحيوانات فان أحدا من أرباب المروات لا يرضى بان يرى شيئا من ذرات أكباد حارة يتلظى عطشا فيكون حفظ الماء لرعاية ذلك من المقاصد المرغوبة شرعا وعرفا بحيث يخاف فوته عند خوفه قلة الماء فله [ح] ان يتيمم بالصعيد ويستبقى الماء فان الله [تع] جعلهما طهورا كما دل عليه موثقة سماعة فان مفادها كون خوف قلة الماء وفقده لدى الحاجة إليه في ماكل ومشرب وغيره من المقاصد المهمة مبيحا للتيمم ويدل عليه أيضا إعادة السؤال في الجواب منكرا في صحيحة ابن سنان حيث قال إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة فان اطلاقه يقتضى عدم الفرق بين ان يخاف على نفسه أو غيره ادميا كان أو غيره نعم ينصرف ذلك عن كل ما كان الراجح شرعا وعرفا الاحتيال في اتلافه ادميا كان أو حيوانا مؤذيا كما هو واضح وبعضهم خص الحكم عند خوف العطش على الغير بما إذا كان ذلك الغير مسلما محقون الدم أو حيوانا مملوكا يتضرر بتلفه واستشكل في الكتابي ونفى الجواز فيما عداه سواء كان ادميا مهدور الدم أصلا أو عارضا أو حيوانا غير مملوك أو مملوك كان يمكن الانتفاع به بعد الذبح بحيث لم يتضرر زاعما انه لا يفهم من الاخبار الا جوازه فيما إذا خاف على نفسه العطش وقصور أدلة نفى الحرج عن اثبات الحكم الا في الجملة وانما التزم بالجواز مطلقا عند الخوف على النفس المحترمة من الادمى لكون حفظها أهم في نظر الشارع من الوضوء واما الاستشكال بالنسبة إلى الكتابي فللشك في وجوب حفظه وانما المتيقن حرمة اتلافه واما عند الخوف على المملوك الذي يتضرر بتلفه فهو من جزئيات الخوف على المال الذي عرفت جواز التيمم عنده وفيه ما عرفت فيما سبق من أن كون أحد الواجبين أهم انما يصلح دليلا لترك غير الأهم بعد تنجز التكليف بالأهم واحراز توقفه على ترك غير الأهم ولا يكفي في ذلك مجرد الاحتمال المجامع للخوف كما في ساير الشبهات الموضوعية فالعمدة فيه لدى الخوف على النفس المحترمة الاجماع كما صرح به بعض واطلاق الخبرين المتقدمين بل قد عرفت ان مقتضى اطلاقهما جوازه عند خوف قلة الماء والعطش [مط] ولو على حيوان غير مملوك مما جرت العادة بسقيه عند العطش كما يؤيد ذلك الوجه الاعتباري الذي تقدمت الإشارة إليه من أن اطفاء حر الكبد من الظماء في حد ذاته من الأمور المستحسنة المرغوبة لدى العقلاء بحيث يرونه من الاعذار المبيحة لترك جملة من مقاصدهم العقلائية فمن المستبعد جدا ان لا يكون لدى الشارع كذلك بالنسبة إلى الطهارة المائية التي جعل لها بدلا اضطراريا وهذا النحو من الاعتبار وان لم يصلح مستندا لاثبات حكم شرعي لكنه يفيد الوثوق بكون مناط الحكم هو خوف العطش مطلقا كما مع التعبير به في النص وفتاوى الأصحاب وانه لا عبرة بتفسير من فسره بما هو أخص من هذا المفهوم المطلق وكيف كان فالأظهر اطراد الحكم في جميع موارد الخوف من العطش ولو على غير ادمى من غير فرق بين ان يكون العطش الذي يخاف مما يؤدى إلى الهلاك أو إلى المرض أو يشق تحمله وان امن من ضرره لاطلاق الأدلة نعم لا يعتنى بالخوف من العطش الذي يسهل تحمله لانصرافها عنه والله العالم ثم لا يخفى انه حيثما جاز التيمم عند الخوف من عطش جاز ذلك عند تحقق ذلك العطش لفحوى الأدلة المتقدمة والأولوية القطعية وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر غير واحد من أن الخوف الذي أنيط به الأحكام المتقدمة يساوق الظن وهو وهم فان الخوف من وقوع المكروه يتحقق عرفا ولغة عند احتمال وقوعه احتمالا يعتد به حيث يكون منشأ لتشويش الخاطر من حيث عدم الوثوق بعدمه في مقابل الامن بذلك فالطريق المخوف عبارة عن غير المأمون لا ما يظن فيه عدم السلامة كما هو واضح الثاني هل يكفي في جواز التيمم في جميع الموارد المتقدمة مطلق الخوف أم يعتبر بلوغه حدا يظن معه وقوع ما يخاف منه كما هو صريح الجماعة التي تقدمت الإشارة إليهم أو فيه تفصيل والذي ينبغي ان يقال دوران الحكم في كل مورد مدار تحقق العنوان المأخوذ من دليله فيكفي مطلق الخوف المعتد به لدى العقلاء في الموارد التي يفهم حكمها من الأدلة الخاصة المتقدمة كالخوف من العطش أو من زيادة المرض أو من تلف النفس وفى الموارد التي لا يفهم حكمها الا من أدلة نفى الحرج يعتبر بلوغه حد ايشق تحمله في العادة وهذا كما يختلف باختلاف ما يخاف منه كذلك يختلف باختلاف مراتب الخوف فرب مرتبة منه لا يكون التكليف بتحملها حرجيا وان كان متعلقه على تقدير تحققه مما لا يتحمل عادة وكذلك يختلف باختلاف شدة الاعتناء والاهتمام بالتحرز عن المتعلق وضعفه والحاصل انه إذا كان مستند الحكم ودليل نفى الحرج يدور الحكم مدار عنوان الحرج وليس مطلق الخوف في الموارد
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»