مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٦٣
المتقدمة ملزوما لتحقق ذلك العنوان لكن لا يبعد ان يقال إنه يستفاد من تتبع فتاوى الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية في الفروع المتقدمة ان الخوف على المال أو النفس أو غيرهما من الأمور المتقدمة من حيث هو بنفسه عنوان لموضوع الحكم ولا عبرة بتفسير من فسره بالظن فإنه راجع إلى اجتهاده والا فظاهرهم الاتفاق على جواز التيمم عند الخوف على المذكورات لكن الجزم بذلك مشكل فالأحوط بل الأقوى هو الاقتصار على مواقع الحرج الفعلي نعم لو ظن ضررا يعتد به في ماله أو نفسه جاز له التيمم وان لم يشق عليه تحمله لقاعدة نفى الضرر فان الظاهر كون مظنون الضرر لدى العقلاء بحكم مقطوعه والله العالم * (الثالث) * ان التيمم في الموارد التي ثبت جوازه بدليل نفى الحرج رخصة لا عزيمة فلو تحمل المكلف المشقة الشديدة الرافعة لتكليف واتى بالطهارة المائية صحت طهارته كما تقدمت الإشارة إليه في حكم الاغتسال لدى البرد الشديد فان أدلة نفى الحرج لأجل ورودها في مقام الامتنان وبيان توسعة الدين لا تصلح دليلا الا لنفى الوجوب لا لرفع الجواز ان قلت إذا انتفى وجوب الطهارة في موارد الحرج فلا يبقى جوازها حتى تصح عبادة فان الجنس يذهب بذهاب فصله وبعبارة أخرى أدلة نفى الحرج حاكمة على العمومات المثبتة للتكاليف فتخصصها بغير موارد الحرج فاتيانها في تلك الموارد بقصد امتثال الامر تشريع محرم قلت إذا كان منشأ التخصيص كون التكليف بالوضوء والغسل حرجيا من دون ان يترتب عليهما عدا المشقة الرافعة للتكليف مفسدة لا يجوز الاقدام عليها شرعا من ضرر ونحوه فهو لا يقتضى الا رفع مطلوبية الفعل على سبيل الالزام لا رفع ما يقتضى الطلب ومحبوبية الفعل فلو اتى به المكلف متحملا لمشقته فقد اتى بما هو المحبوب في الواقع وان لم يكن واجبا عليه لمشقته وكفى بكونه كذلك وجها لوقوعه عبادة كما عرفت في نية الوضوء وكيف كان فلا يفهم من أدلة نفى الحرج عرفا وعقلا الا ما عرفت فلا اشكال فيه مع أن أدلة نفى الحرج لا تتزاحم التكاليف المستحبة التي ليس فيها الزام فلا يخصص بها العمومات الدالة على استحباب الوضوء لغاياته المستحبة فليتأمل واما ساير الموارد التي ثبت جواز التيمم فيها بغيرها من الأدلة فإن كان مقتضاها حرمة الوضوء والغسل بلحاظ ما يترتب عليهما من المفسدة التي لا يسوغ تحملها شرعا والا فنفس الطهور من حيث هي لا يتعلق بها النهى كالقاء النفس في المهالك أو ارتكاب ما يظن معه الضرر في نفس أو عرض أو مال ضررا يجب التجنب عنه شرعا تعين عليه التيمم وان لم يكن مقتضاها الا جواز التيمم من دون ان يترتب على فعل الوضوء أو الغسل مفسدة محرمة عدا توهم كونه تشريعا من دون ان يتعلق به نهى شرعي ولو بالنظر إلى ظواهر الأدلة كبعض موارد الضرر الذي يجوز تحمله لساير الاغراض العقلائية فحكمه ما عرفت في موارد الحرج من كون التيمم فيه رخصة لا عزيمة فان قضية بدلية التيمم من الوضوء والغسل وكون طهارته عذرية اضطرارية ثبوت المقتضى لوجوب الوضوء والغسل مطلقا وكون الاعذار المسوغة للتيمم من قبل الموانع وحيث فرضنا جواز ارتكاب المحظور الذي قبله الشارع عذرا في ترك الطهارة المائية فلا يصلح ذلك مانعا الا من تأثير المقتضى فيما يقتضيه من الالزام دون ما يقتضيه من حسن الفعل ومحبوبيته شرعا وقد عرفت انه يكفي في وقوعه عبادة فتلخص ان التيمم لا يجب عينا الا إذا تعذرت الطهارة المائية عقلا أو شرعا بان توقف على ارتكاب محرم أو ترك واجب والا فله الاتيان بالطهارة المائية وان لم يوجبها الشارع بالخصوص لما فيها من المشقة ونحوها * (الرابع) * هل يصح الوضوء أو الغسل في الموارد التي تعين عليه التيمم فيه تفصيل فإن كان ذلك لتوقف الطهارة المائية على مقدمة محرمة متقدمة على فعلها كسلوك طريق مظنون الضرر لتحصيل الماء فلو سلكه وأصاب الماء فقد عصى ووجب عليه الوضوء والغسل الارتفاع المانع الشرعي بسبب العصيان واما ان كان من المقدمات المقارنة للفعل أو العناوين المتحدة معه في الوجود لم يصح وليس من هذا الباب ما لو زاحم فعله الوضوء أو الغسل واجبا أهم فإنه وان تعين عند ذلك التيمم لكن لو ترك الأهم واتى بالوضوء أو الغسل صح على الأظهر فهيهنا مسائل ثلث الأولى ما إذا تحقق بوضوئه أو غسله عنوان محرم كما لو تضرر باستعمال الماء أو تصرف بفعله في مال الغير كما إذا كان الماء مغصوبا أو كان في مكان مغصوب لا يمكن الاغتسال أو التوضي منه الا بالانغماس فيه على وجه يتحقق بفعله الخاص الغسل والتصرف في المغصوب الثانية ما إذا توقف عليه مقدمة محرمة مقارنة مع الفعل كما لو انحصر ماء الوضوء في انية مغصوبة وتعذر فعله الا بالاغتراف منها شيئا فشيئا لعنبلائه المترتبة الثالثة ما إذا زاحم فعله واجبا أهم والحكم في الأوليين البطلان بخلاف الثالثة اما وجه البطلان في الأولى وهى ما لو اتحد مع المحرم فلان الفعل الخارجي الذي تعلق به النهى وصح العقاب عليه لا يعقل ان يقع عبادة لتوقفها على الامر الممتنع تعلقه بالنهي عنه لتعذر الامتثال ولكون النهى ناشيا عن قبح الفعل بلحاظ مفسدته الملزمة القاهرة المقبحة له فيقبح الامر بايجاده إلى غير ذلك من المفاسد المقررة في الأصول ولا يرفع هذا القبح اختلاف جهتي الامر والنهى كالصلاة في الدار المغصوبة فان الامر بايجاد الفعل الخاص الخارجي المتحد في الوجوب والنهى عنه قبيح مطلقا إذ لا يؤثر ذلك في القدرة على الامتثال ولا في صيرورة الفرد الخارجي المشتمل على الجهة المقبحة له بالفعل حسنا حتى يحسن طلبه فان ايجاد الفرد الخارجي يعرضه صفة الحسن والقبح باعتبار
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»