دينار مثلا يدل على عدم اعتنائه بالضرر المالي في رفع التكليف بالوضوء فلا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يشتريه بذلك أو يتوقف تحصيله على تلف هذا المقدار من المال بساير الأسباب * (مدفوعة) * بكونه قياسا مع وجود الفارق من وجوه لا تخفى على المتأمل منها ما أشرنا إليه من كون هذه الموارد من اظهر الموارد التي ينفيها دليل نفى الضرر والحرج بخلاف شراء الماء ونحوه الذي ربما تأمل في شمول القاعدتين له وكيف كان فلا يجوز التخطي عن مورد النص في الحكم المخالف للقاعدة الا بالنسبة إلى الموارد التي علم كونها مع المورد من باب واحد كشراء الآلة مثلا دون ساير الموارد ولذا صرح الأصحاب بعدم وجوب الوضوء في ساير موارد الضرر حتى أن بعضهم صرح بنفي الوجوب لو توقف تحصيل الماء على أن يصيب ثوبه المطر ويتضرر بذلك و * (هل) * شق الثوب النفيس لاخراج الماء من البئر مثلا من هذا القبيل أو من قبيل شراء الآلة فيجب فيه تردد والأظهر انه من القسم الأول فلا يجب لخروجه من المقدمات المتعارفة الا ترى انه ربما تسمح النفس ببذل المال عوضا عن الماء أوما يتوقف عليه تحصيله من المقدمات المتعارفة لدى الحاجة إليه لشربه أو وضوئه وان بلغ ما بلغ ولا تسمح بشق ثوبه بل لا يلتفت الذهن إلى كونه من المقدمات ويراه تضييعا للمال ولا أقل من الشك المقتضى لعدم التسرية من مورد النص إليه ولو وهب واهب وكان في قبولها منة يشق على الطباع تحملها لم يجب كما صرح به غير واحد والا يجب الاستيهاب عند ابتذال الماء واستغناء المالك عنه كما أنه يجب تحصيله بسائر انحاء الاكتساب ما لم يترتب عليه ضرر أو مشقة رافعة للتكليف وهذا مما يختلف بحسب الموارد والاشخاص كما لا يخفى * (السبب الثالث) * الخوف من استعمال الماء أو تحصيله على نفس أو عرض أو مال في الجملة بلا اشكال بل ولا خلاف في شئ منها بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليها الا انهم لم ينصوا فيما عثرنا عليه من معاقد اجماعاتهم المحكية ككثير من الأصحاب في فتاويهم على الخوف على العرض لكن المقطوع به عدم مخالفتهم فيه في الجملة بل لعله يظهر من بعض عبائرهم إرادة ما يعمه فان تحمل هتك العرض ربما يكون أشق من تلف المال بل ربما يهون دونه بذل النفوس وكيف كان فيدل على المدعى مضافا إلى الاجماع ان ايجاب الطهارة المائية في مواقع الخوف حرج منفى في الشريعة ويدل عليه أيضا في جملة من الاخبار * (منها) * رواية داود الرقى قال قلت لأبي عبد الله (ع) أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال ان الماء قريب منا فاطلب الماء وانا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب الماء ولكن تيمم فانى أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع وخبر يعقوب بن سالم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال لا امره ان يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع ويدل عليه أيضا الأخبار المتقدمة في المبحث السابق بالتقريب المتقدم وكذا الاخبار الآتية الامرة بالتيمم عند خوف العطش والمستفيضة الامرة بتيمم المجدور والكسير والمبطون فان الغالب في مواردها خوف التضرر لا القطع بذلك * (وكيف) * كان فلا خفاء في أصل الحكم وما عن صاحب الحدائق من الاستشكال عند الخوف على المال بعد اعترافه باتفاق الأصحاب نظرا إلى اختصاص الاخبار بالخوف على النفس دون المال ومعارضة ما دل على التوسعة في الشريعة ونفى الحرج ووجوب حفظ المال بما دل على وجوب الوضوء والغسل في غاية الضعف فان ما ذكره من عدم ظهور الاخبار في تلف المال وان كان في محله وما قيل من أن ذكر اللص في خبر يعقوب بن سالم دليل على ارادته فان الغالب انما هو تلف المال عند عروض اللص فأريد به الخوف من تلف المال وتخصيصه بالذكر للجري مجرى العادة كتخصيص السبع بالذكر للخوف على النفس ففيه ان الغالب عند عروض اللص في الطريق كون نفسه كماله في معرض الخطر اما بالجناية عليها أو باخذ أمواله المحتاج إليها في المعيشة كما يشهد لذلك تفريعه في الرواية على قوله (ع) يعزر بنفسه فلا يبقى [ح] له ظهور في إرادة تلف المال والعجب ممن استشهد بالرواية لتعميم الحكم بالنسبة إلى الخوف على المال القليل الذي لا يشمله قاعدة نفى الحرج مع أن من الواضح خروجه من منصرف الرواية فالانصاف ما سمعته من عدم دلالة الرواية على حكم الخوف على المال لكن دليل نفى الحرج مما لا يزاحمه عمومات التكاليف لحكومته عليها خصوصا في مثل المقام المعتضد بما يفهم من أدلة شرعية التيمم من ابتنائها على التوسعة في الدين وان الله تبارك و [تع] يريد بعباده اليسر دون العسر مع اعتضاده بفهم الأصحاب وفتواهم ولذا لا ينبغي الارتياب في أنه لافرق في جواز التيمم في مواقع الخوف بين الموارد التي وقع ذكرها في النصوص مثل ان يخاف لصا أو سبعا أو عطشا وبين غيرها من الموارد مثل ان يخاف هتك عرض أو يخاف ضياع مال أو الحبس ظلما ولو بحق يعجز عن أدائه أو غير ذلك من الموارد التي يكون ايجاب الطهارة المائية فيها تكليفا حرجيا لكن حيثما عرفت ان عمدة المستند في مثل هذه الموارد هي قاعدة نفى الحرج والاجماع علمت أن ما حكى عن جامع المقاصد وغيره من التصريح بأنه لافرق في جواز التيمم بين الخوف على ماله ومال غيره باطلاقه مشكل وانما يتجه ذلك فيما إذا تعلق به نحو تعلق يوجب اهتمامه بحفظه اما لتكليفه شرعا بولاية أو أمانة أو غير ذلك بحيث يكون التفريط في حفظه موجبا للضمان أو لكونه مهما لديه في العرف والعادة بحيث يترتب على تلفه المستعقب لتفريطه الخجل والندامة التي يشق تحملها عادة كالتقصير في حفظ أموال أصدقائه الواثقين بحفظه عند سيعهم في حوائجهم
(٤٥٨)