مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٥٣
المتعلق بالفعل كدفعه ما لم يكن ذلك بواسطة العصيان أو تحصيل العجز المانع من بقاء الطلب بل برفع ما يقتضيه الموجب لتبدل الموضوع المستلزم لارتفاع الحكم وليس هذا القسم في الحقيقة من قبيل تفويت التكليف وانما يطلق عليه ذلك بنحو من الاعتبار والمسامحة وقد يكون تفويت التكليف باختيار العجز الموجب لخروج المأمور به من كونه مقدورا فيسقط الطلب المتعلق به لذلك لا لرفع مقتضيه كما في القسم السابق وهذا اما ان يكون بعد تنجز الخطاب وحضور زمان ايجاد الفعل المأمور به كإراقة الماء مع الانحصار عند تنجز التكليف بالغسل والوضوء بعد دخول وقت الصلاة واما ان يكون قبل تنجز الخطاب كإراقته قبل الوقت اما الأول فلا شبهة في قبحه وترتب العقاب عليه وان كان قد يتأمل في جهة الاستحقاق من أنه هل هو لأجل ما يترتب عليه من مخالفة الواقع أو لما فيه من حيث هو من القبح أولهما بمعنى انه ان ترتب عليه فوت الواقع فيعاقب عقابه والا فيعاقب على نفسه لكونه من اقسام التجري الذي لا يقتضى قبحه الا استحقاق العقاب عليه بهذه الكيفية و * (كيف) * كان فربما يشكل الامر في مثل الوضوء والغسل الواجبين مقدمة للصلاة الواجبة إذا فوتهما المكلف بتقصيره واتى ببدلهما وهو التيمم وصلى معه بناء على صحة التيمم والصلاة كما هي الأظهر فإنه وان أشرنا فيما تقدم إلى أن استحقاق العقاب على تفويتهما من المسلمات بل لعله هو المغروس في أذهان المتشرعة لكنه مع ذلك لا يخلو ومن اشكال نظرا إلى أن وجوبهما ليس الا لتوقف الصلاة الواجبة عليهما وهو انما يكون مع القدرة واما مع العجز عنهما فلا يتوقف عليهما الصلاة الواجبة لأن المفروض صحتها مع التيمم فإراقة الماء أو ترك الطلب الموجب لتعذر الوضوء والغسل لا تؤثر الا في فوت الواجب الغيري من دون ان يترتب عليه فوت الغير الذي وجبا لأجله فلا مقتضى للعقاب حتى من باب التجري ولو على القول بكون ترك المقدمة من حيث هو منشأ لاستحقاق العقاب إذ لا تجرى بعد عزمه على الخروج من عهدة الواجب النفسي في آخر وقته بحسب ما يقتضيه تكليفه واما استحقاق العقاب بترك المقدمة من حيث هو ان قلنا به فهو فيما إذا كانت منحصرة لافى مثل الفرض الذي يتمكن المكلف من ايجاد ذي المقدمة بشرائطها المعتبرة شرعا في زمان لا يتوقف على هذه المقدمة وتوهم ان الصلاة مع التيمم فرد ناقص من الصلاة اجتزى به الشارع عند الضرورة بدلا من الفرد التام نظير ما يوتى به من الصلاة الناقصة لقاعدة الميسور ونحوها فقد فوت المكلف بسوء اختياره صفة كمالها فيحسن العقاب عليه * (مدفوع) * بان الأدلة الدالة على شرعية التيمم من الكتاب والسنة والاجماع بأسرها ناطقة بان الجعل الشرعي انما تعلق بتنزيل التيمم لدى الضرورة منزلة الوضوء والغسل في إفادة الطهارة التي هي شرط في الصلاة لا ان الشارع اجتزى بالصلاة الناقصة الفاقدة لشرط صحتها في مقام الضرورة لأجل كونها عنده من باب تعدد المطلوب كي يتطرق فيه ما توهم ولذا يستباح بالتيمم ما دام بقاء اثره ساير الغايات التي لم يضطر إلى فعلها كصلاة القضاء وصلاة الآيات وغيرهما مما لم يتضيق أوقاتها ولم يتعين عليه فعلها ولولا ذلك لاشكل صحته من الأجير بل ربما يستشكل في صحة الاقتداء بالتيمم كما في سائر المقامات التي يؤتى بالصلوات الناقصة لأجل الضرورة ولو سلم كون الصلاة مع الطهارة المائية أكمل بواسطة أكملية طهورها فليس ذلك الا من باب كونه أفضل الافراد لا كون الصلاة مع التيمم فاقدة لبعض الشرائط المعتبرة في صحتها ضرورة ان المعتبر في صحة الصلاة انما هو مطلق الظهور الذي قضت الضرورة بحصوله لدى العجز بالتيمم و الحاصل انه لا مجال للتفصي عن الاشكال بما ذكر وغاية ما يمكن ان يقال في حله انه كما دلت الأدلة على كون الصلاة مع التيمم صلاة صحيحة تامة الاجزاء والشرائط وان الجعل الشرعي لم يتعلق الا بالتعميم فيما يحصل به شرط الصلاة لافى الغاء شرطيته كذلك دلت على أن التيمم بدل اضطراري من الوضوء والغسل سوغه العجز من امتثال الطهارة المائية الذي لا يصلح الا للمنع من تنجز التكليف بها مع قيام مقتضيها ومقتضاه مبغوضية ايجاد العجز اختيارا كما يدل على ذلك مضافا إلى استفادته من الأدلة اجماعهم ظاهرا عدا ما عن المصنف في المعتبر كما عن غير واحد دعواه على حرمة تفويت التكليف بها بعد تنجز الخطاب بإراقة الماء ونحوها ولا يتجه ذلك الا على تقدير كون العجز مانعا من تنجز التكليف مع بقاء مقتضيه لا موجبا لتبدل الموضوع بان يكون كل من العاجز والقادر بنفسه موضوعا مستقلا لحكم شرعي نظير المسافر والحاضر كما عرفت الكلام فيه مفصلا فيستكشف من ذلك ان للطهارة المائية من حيث هي لدى الاتيان بشئ من غاياتها الواجبة مطلوبية وراء مطلوبيتها مقدمة للواجبات (المشروطة بالطهور من حيث كونها مشروطة بالطهور فان معروض هذه المطلوبية المقدمية مطلق ما يتوقف عليه وجود تلك الواجبات) من دون فرق بين أسباب الطهور وكون الطهارة كاملة أو ناقصة أصلية أو بدلية فان من حيث كونها مشروطة بالطهور ايجاب شئ لا يقتضى من حيث المقدمية الا ايجاب ما يتعذر ذلك الشئ بدونه والمفروض صحة تلك الغايات مع التيمم لدى العجز فلا اقتضاء لمطلوبية ما عداه [ح] من هذه الجهة فوجب ان يكون للطهارة المائية مطلوبية أخرى غير هذه المطلوبية المخصوصة بحال القدرة وهى اما لمزية وشرافة في نفس الطهارة المائية مقتضية لايجاب اختيارها مقدمة مع الامكان كما لو كان للرواح إلى السوق المأمور به مثلا طريقان يشمل أحدهما على مزية مقتضية لتعين اختياره مع الامكان أو لمزية في الغايات المأتى بها مع الطهارة المائية زائدة عما يقتضيه تلك الغايات في تقوم ماهياتها كالصلاة جماعة أوفى المسجد ونحوه لو فرض كون الخصوصية الموجبة
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»