مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٥٢
العصيان الذي قد يتأمل في سببيته لانقلاب التكليف واندراج المكلف في موضوع العاجز المأمور بالبدل الاضطراري فإنه لا يبعد دعوى انصراف ما دل على مشروعية البدل للعاجز عن العاجز الذي اختار العجز للفرار من التكليف المنجز عليه الا ترى انه لو قيل يجب على العاجز عن الحج ان يستنيب لا يتبادر منه القادر الذي صير نفسه عاجزا بتخلفه عن الرفقة وليس معنى ان الصلاة لا تسقط بحال بقاء التكليف بها بعد ان عصى المكلف وصير ايجادها على النحو المعتبر شرعا في حقه ممتنعا فمن الجايز ان يكون تأخير الطهارة المائية عند القدرة عليها إلى أن تتعذر كتأخير التيمم إلى أن يتعذر الاتيان به مع الصلاة في الوقت موجبا لوجوب القضاء ومن هذا القبيل جميع الموارد التي أوجد المكلف سبب التكليف الاضطراري اختيارا للفرار من الخروج من عهدة التكليف الاختياري المنجز عليه كما لو اخر الجنب الغسل في ليلة شهر رمضان إلى أن ضاق الوقت فصام مع التيمم أو أراق الماء مع الانحصار عند تنجز التكليف بالغسل أو الوضوء إلى غير ذلك من الأمثلة فان الجزم بصحة البدل الاضطراري في هذه الموارد في غاية الاشكال حيث لا يبعد دعوى انصراف ما دل على شرعية البدل عن شمول مثل هذا العجز الاختياري بل لا يبعد ان يكون التيمم من مثل هذا الشخص مبغوضا للشارع فضلا عن أن يقع عبادة ومن هنا قد يقال بوجوب الاحتياط بالجمع بين الصلاة مع التيمم في الوقت وقضائها في خارجه لتردد المكلف به المعلوم بالاجمال بين الامرين ولعله لذا أوجب غير واحد قضاء الصلاة فيما نحن فيه أعني فيما لو قصر في الطلب وصلى مع التيمم وصادف وجود الماء في محل الطلب بل عن الحدائق نسبته إلى المشهور وعن جامع المقاصد إلى أكثر الأصحاب لكن مع ذلك القول بالصحة في المقام ونظائره كما في المتن وغيره لعله أقوى فإنه لا يبعد دعوى انه يفهم بالتأمل في الأدلة الشرعية كون العجز من حيث هو مناطا لصحة التيمم من دون ان يكون لسببه مدخلية في ذلك الا ان الاحتياط مما لا ينبغي تركه وقد يقال في توجيه القول بوجوب الجمع بين الصلاة مع التيمم وقضائها بأنه كان مكلفا في سعة الوقت باتيان الصلاة مع الطهارة المائية وقد فوتها بسوء اختياره عصيانا فعليه قضائها وانما يجب عليه الصلاة مع التيمم عند الضيق لما ثبت من أن الصلاة لا تسقط بحال فعند الضيق تجب مع التيمم وكون الامر مقتضيا للاجزاء لا يقتضى الا كون الصلاة مع التيمم مسقطا للطلب المتعلق بها دون الطلب المتعلق بقضاء ما فات الذي تحقق موضوعه بالنسبة إلى الصلاة مع الطهارة المائية التي كانت واجبة في سعة الوقت وفيه مالا يخفى بعد وضوح ان المكلف به في الواقع ليس الا صلاة الظهر مثلا مع الطهور المتوقف حصوله عند التمكن على الوضوء والغسل وعند الضرورة على التيمم فان أفاد التيمم في مفروض مسئلتنا الطهارة التي هي شرط الصحة الصلاة المأمور بها بان عمه دليل مشروعيته فقد وجب مقدمة لتلك الصلاة الواجبة والا فلا والحاصل ان المأمور به انما هو ايجاد صلاة الظهر مثلا مع الطهارة المتوقف حصولها على الغسل والوضوء لدى القدرة والتيمم لدى الضرورة فالضرورة اثرت في قيام التيمم مقام الوضوء والغسل الذي هو مقدمة لتلك الصلاة المأمور بها لا بدلية الصلاة الواقعة معه من الصلاة الواقعية * (هذا) * مع أنه انما يجب الاتيان بالتيمم لدى الضرورة لبدليته من الوضوء والغسل وقيامه مقامهما فلا يعقل بقاء الامر بالمبدل منه بعد تحقق البدل بعنوان البدلية وصحته كما لا يخفى هذا هو الكلام في الحكم الوضعي أعني صحة التيمم والصلاة عند تأخير المكلف إلى أن يتضيق الوقت واما الكلام في الحكم التكليفي أعني حرمة التأخير واستحقاق العقاب عليه فهو على الظاهر من المسلمات التي لم ينقل الخلاف فيه من أحد الا من المصنف في المعتبر كما ستعرف لكونه تفويتا للتكليف الذي لا شبهة في قبحه في الجملة وان كان قد يستشكل فيه في كثير من الموارد التي يتخيل كونها نظير ما نحن فيه من حيث المشاركة في تفويت التكليف فالأولى شرح المقال ليتضح حقيقة الحال بالنسبة إلى جميع الموارد لكون المسألة من المهمات * (فأقول) * مستعينا بالله تفويت التكليف قد يكون بدفع ما يقتضيه أو رفعه لا بدفع نفس التكليف أو رفعه وبعبارة أخرى قد يكون التفويت بتبديل الموضوع الموجب لانقلاب الحكم لا لأجل الاضطرار كما لو سافر الحاضر فارتفع تكليفه بالصوم وصلاة الجمعة وغيرهما من التكاليف التي يسقط طلبها بالسفر باعتبار اخذ وصف الحضور قيدا في موضوعها وهذا القسم مما لا اشكال في جوازه [مط] اما قبل تنجز الخطاب بالواجبات فواضح فإنه لا يتنجز عليه شئ من هذه التكاليف الا على تقدير اندراجه في موضوع الحاضر فيكون الحضور من المقدمات الوجوبية للواجب المشروط التي لا يجب تحصيلها بالضرورة واما بعد تنجز الخطاب فلان بقائه منجزا عليه مشروط ببقاء كونه حاضرا وليس اشتراطه بهذا الشرط على حد اشتراطه بالقدرة ونحوها من الشرائط العقلية التي يرتفع التكليف بارتفاعها لأجل التعذر مع بقاء مقتضيه التي ستعرف تحقيق الحال فيها بل هو من الشرائط المتخذة شرعا من اجزاء المقتضى فالخطابات الصادرة من الشارع المثبتة لهذه الأحكام بمنزلة ما لو قال إن كنت حاضرا فصم وصل صلاة الظهر أربع ركعات وان كنت مسافرا فلا تصم وصل ركعتين فعند صدور مثل هذا الخطاب لا يجب على المكلف الا ملاحظة حاله عند إرادة الخروج من عهدة التكليف نظير ما لو قال إذا كنت في دار زيد فأكرمه فكما لا يجب عليه قبل تنجز التكليف تحصيل شرط الوجوب فكذلك لا يجب عليه ابقائه بعد تنجزه اللهم الا ان يدل عليه دليل خارجي كما لو ورد مثلا النهى عن السفر في شهر رمضان أو بعد دخول وقت الصلاة الا بعد أدائها وهو خارج مما نحن فيه و * (الحاصل) * ان مقتضى الأصل جواز تفويت التكليف برفع الطلب
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»