مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٥٠
الظهر مثلا منزلا وأراد ان يصلى فيه والا فله الضرب في الأرض في جهة من الجهات ولو في الجهة الموصلة إلى المقصد برجاء تحصيل الماء في أثناء الطريق إلى أن يتضيق عليه الوقت ضرورة ان العود إلى المكان الأول ليس واجبا تعبديا فحيثما طلب الماء في جهة ولو في الجهة المؤدية إلى المقصود بمقدار رمية سهم أو سهمين فله ان يصلى في المكان الذي انتهى إليه طلبه وان لا يعود إلى المكان الذي ابتدء منه لكن يجب عليه الفحص عن الماء فيما حوله بالنسبة إلى المكان الذي انتهى إليه السير فله في هذا المكان أيضا كالمكان الأول ان يختار أولا الضرب إلى مقصده مثلا في الجهة التي يقربه وهكذا إلى أن يتضيق عليه الوقت ويتعين عليه الصلاة مع التيمم فثمرة العود إلى المكان الأول انما هو جواز الصلاة مع التيمم بعد الفحص عن الماء في ساير الجهات بالمقدار المعتبر شرعا وان لم يتضيق عليه الوقت فيقيد حسنة زرارة بما عدا هذه الصورة فتلخص لك ان الواجب على المسافر أحد أمرين اما الفحص عن الماء ولو في طريق سفره من دون ان ينحرف عن الطريق إلى أن يتضيق عليه الوقت كما يدل عليه الحسنة الموافقة لقاعدة الاشتغال واما تحصيل الوثوق بفقد الماء فيما حوله بمقدار غلوة سهم أو سهمين كما يدل عليه خبر السكوني الذي لا يفهم منه أزيد من الوجوب التخييري الذي عبرنا عنه بالوجوب المشروط فيتحصل من مجموع الروايتين بعد الجمع انه يجب على المسافر ان يطلب الماء ما دام الوقت باقيا الا ان يحصل له الوثوق بفقد الماء فيما حوله بمقدار الغلوة أو الغلوتين وما في بعض الأخبار من عدم وجوب الطلب مثل رواية داود الرقى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال ان الماء قريب منا فاطلب الماء وانا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب ولكن تيمم فان أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع وخبر يعقوب بن سالم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال لا امره ان يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع ورواية علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أتيمم إلى أن قال فقال له داود الرقى فاطلب الماء يمينا وشمالا فقال لا تطلب يمينا ولا شمالا ولا في بئر ان وجدته على الطريق فتوضأ منه وان لم تجده فامض فمحمول على صورة الخوف كما يدل عليه التعليل الوارد في الروايتين الأوليين وفرض العلم بوجود الماء في الرواية الثانية واما الثالثة وان كانت بظاهرها مطلقه لكنها أيضا منزلة عليه بقرنية ما عرفت خصوصا مع غلبة الظن بكونها هي الرواية المعللة التي رواها داود بنفسه عن أبي عبد الله (ع) مع أن الامر بالمضي لا ينافي وجوب الطلب ما دام في الوقت لما عرفت من أن له اختيار المضي في طريقه عند احتمال مصادفة الماء في أثناء الطريق فيمكن تنزيل الرواية عليه هذا مع ما في هذه الروايات من ضعف الاسناد وعدم صلاحيتها المعارضة ما عرفت ثم انا قد أشرنا إلى أن وجوب الطلب ليس نفسيا تعبديا بل هو مقدمة لتحصيل الماء فلا يجب الا عند احتماله احتمالا يعتد به لدى العقلاء فإذا حصل له الوثوق بفقد الماء من اخبار أهل الخبرة أو المجتهدين في الطلب أو من فحصه السابق ولو قبل تنجز التكليف بالطهارة والصلاة لم يجب عليه الفحص * (نعم) * لو لم يحصل له الاطمينان من خبرهم واحتمل مصادفة الماء لو باشر بنفسه الطلب وجب عليه ذلك من غير فرق بين كون المخبر نائبا عنه في الفحص وعدمه فان المدار على كونه مطمئنا حين إرادة التيمم والصلاة بكونه عاجزا عن الطهارة المائية وفى كفاية شهادة العدلين فضلا عن العدل الواحد ما لم يحصل الوثوق من قولهما بفقد الماء خصوصا فيما إذا كان عدم الوثوق مسببا عن احتمالات غير منافية للعدالة اشكال وان كان الأظهر حجية قولهما فيما إذا كان مرجعه إلى الاخبار عن امر حسى غير قابل للاشتباه عادة كما لو أخبرا بعدم الماء في المكان الفلاني ونحوه وكذا الاشكال في الاكتفاء بفحصه السابق عند احتمال تجدد الماء وقد يقوى في النظر عدم وجوب الفحص في الفرض اعتمادا على أصالة عدم التجدد واستصحاب العجز وعدم الماء الذي هو شرط في جواز التيمم من غير فرق بين كون فحصه السابق قبل تنجز التكليف أم بعده وتوهم ان شرط التيمم هو عدم وجدان الماء وهو صفة اعتبارية وجودية فلا يحرز بالأصول المتقدمة * (مدفوع) * بما أشرنا إليه من أن المناط في الحقيقة هو العجز عن الطهارة المائية وعدم الوجدان من أسبابه كما سيأتي مزيد توضيح لذلك هذا مع أن ظاهر بعض النصوص كفتاوى الأصحاب ان عدم الماء من أسباب التيمم وهو مما يمكن احرازه بالاستصحاب ولا ينافي ذلك ما تقدم انفا من أن القدرة على امتثال التكاليف من الشرائط العقلية التي لابد من احراز عدمها في رفع اليد عن التكاليف الثابتة بالعمومات فان الأصول الموضوعية كالأمارات الشرعية حاكمة على هذا الأصل هذا مع أن عدم التمكن الذي اعتبره الشارع شرطا لصحة التيمم أعم من عدم القدرة التي استقبل العقل بمانعية من التكليف فليتأمل ودعوى ان المتبادر من اطلاق معاقد الاجماعات المحكية وغيرها من الأدلة اعتبار الطلب والفحص حين إرادة التيمم [مط] فلا يكفي الفحص للتيمم السابق فضلا عن الفحص قبل لنجز التكليف * (مدفوعة) * بان غاية ما يمكن ان يدعى الاجماع عليه انما هو وجوب الطلب في الجملة واما وجوب تجديده عند كل تيمم فلا بل لا ينبغي ان يصغى إلى من يدعيه كما أن رواية السكوني أيضا لا يفهم منها الا ذلك وحيث إن وجوبه توصلي لا يتفاوت الحال فيه بين تحققه قبل الخطاب أو بعده واما حسنة زرارة مع ما فيها من اختلاف المتن فقد عرفت انها مئولة أو مطروحة مع أنه لا يكاد يفهم منها وجوب إعادة الطلب في الموضوع الذي بذل جهده ولم يجد الماء فيه ودعوى استفادته
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»