[وما هي إلا فيك نفس نفيسة * يحللها حر الأسى فتسيل] [تباين فيك القائلون فمعجب * كثير وذو حزن عليك قليل] [فأجر بنى الدنيا عليك لشأنهم * دني وأجر المخلصين جزيل] [عليك سلام الله ما اتضح الضحى * وما عاقبت شمس الأصيل أفول] قال محمد بن الحنفية: ثم أخذنا في جهاز أبي ليلا، وهي الليلة الحادية والعشرون من شهر رمضان. قال: وكان الحسن (ع) يغسله، والحسين (ع) يصبب الماء عليه، وأخرجت زينب الحنوط الذي أوصى به، فشمل أهل الكوفة ريحه، لأنه كان من كافور الجنة، ثم لفوه في خمسة أثواب، ثم وضعوه على السرير، ودخل عليه رجل أزهري اللون وانتحب وبكى برفيع صوته ودمعه كالسيل الجاري، وقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا سيد الوصيين، السلام عليك يا وصي خاتم الوصيين، انفصمت بك والله خلافة الأنبياء فرحمك الله يا أبا الحسن، وكنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم عند الله بلاء، وأحفظهم ميثاقا، وأكرمهم سوابقا، وأرفعهم درجة، وأشرفهم منزلة ومحلا، فجزاك الله عنا وعن الاسلام خير الجزاء، برزت به إذا تأخروا ونهضت به إذا وهنوا، ولزمت منهاج ابن عمك رسول الله (ص)، كنت له خليفة حقا، لم تنازع فيها، ولم تعجل على المنافقين الذين تعدوا عليك في أخذها، صبرت على كظم الغيظ، وكثرة الحاسدين وضغن، الفاسقين، قمت بالامر حين فشلوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، كنت أحفظهم صوتا، وأعلاهم فضلا، وأقلهم كلاما، وأصوبهم منطقا، وأحسنهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم للأمور، كنت والله للدين يعسوبا حين تفرق الناس، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، وحملت أثقالهم حتى قضيت نحبك مأجورا، وحفظت إذ ضاعوا، كنت للكافرين عذابا صبا والمؤمنين غيثا وخصبا، حضيت والله