وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٦٤
الزمان اسمه القائم المهدي من ولد أخيك الحسين، ثم زحزحوا السرير واكشفوا التراب عنه، فإنكم ترون لحدا محفورا وساجة منقورة، فإذا وضعتموني [في] قبري وأشرجتموه فعد إلي النظر، فإنك لا تجدني فإني ألحق بجدك رسول الله فاجتمع به، فإنه ما من نبي يموت ولو كان بالمغرب ويموت وصيه بالمشرق إلا ويجمع الله بين روحيهما وجسديهما، ثم يفترقان كل واحد إلى تربته التي أعدت له.
ثم قال: يا أبا محمد ويا أبا عبد الله، كأني بكما وقد خرجت عليكما الفتن من ها هنا وها هنا، فاصبرا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. ثم قال: أما أنت يا أبا محمد ستقتل مسموما مضطهدا، وأما أنت يا أبا عبد الله فشهيد هذه الأمة، فعليك بتقوى الله والصبر الجميل.
ثم نادى أولاده واحدا بعد واحد، إناثا وذكورا، صغيرا وكبيرا، وأوصاهم بطاعة الله وطاعة أخويهم الحسن والحسين (ع) وشفتاه تختلجان بذكر الله تعالى، وجبينه يرشح عرقا وهو ينشفه بيده، فقال له ابنه الحسن، يا أبه أراك تمسح جبينك، فقال: سمعت جدك رسول الله يقول: إن المؤمن إذا نزل به الموت عرق جبينه وسكن أنينه. ثم أدار عينيه في أولاده وأهل بيته واحدا بعد واحد وهو يقول: أستودعكم الله، حفظكم الله، وهو خليفتي عليكم وكفى به خليفة. ثم قال: (لمثل هذا فليعمل العاملون) (1) ثم مد يديه ورجليه وغمض عينيه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم قضى نحبه صلوات الله وسلامه عليه، فأقاموا عزاءه، وارتفعت الأصوات بالنياحة والعويل من أهل بيته ونسائه وهن حاسرات، وخرجت نساء بني هاشم، مشققات الجيوب، ناشرات الشعور، لاطمات الخدود، وارتجت الكوفة بالنياحة والعويل، ودهش الناس وصار كأنه اليوم * (هامش ص 64) (1) سورة الصافات، الآية: 61. *
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست