عدوه، فابشر يا حذيفة بمغفرة ذنوبك، ولله در من قال:
[قل لابن ملجم والاقدار غالبة * هدمت ويحك للاسلام أركانا] [قتلت أفضل من يمشي على قدم * وأحسن الناس إسلاما وإيمانا] [وأعلم الناس بالقرآن ثم بما * سن الرسول لنا علما وتبيانا] [صهر النبي ومولاه وناصره * أضحت مناقبه نورا وبرهانا] [وكان منه على رغم الحسود له * مكان هارون من موسى بن عمرانا] [ذكرت قاتله والدمع منحدر * فقلت سبحان رب العرش سبحانا] [قد كان يخبرنا (أن) سوف يخضبها * شر البرية أشقاها وقد كانا] قال: ولما حمل (ع) من مصلاه، والناس من حوله قد أشرفوا على الهلكة من شدة البكاء والنحيب، وبلغوا به منزله ومعهم ابن ملجم موثوقا، وأقبلت فضة أمة فاطمة الزهراء وبيدها حربة، فقالت: أموالي ذروني أضرب عدو الله بهذه الحربة فأشفي بعض جوى صدري، فقد أحرق فؤادي، وأقلق رقادي، وهيج حزني، وأوهى ركني، وأجرى دمعي، وهتك ستري، واجتث أصلي وفخري، وانقضت عليه كالشهاب، فقال لها الحسن (ع): اصبري يا أمة الله، وردها إلى الدار فقالت لابن ملجم: ويلك يا عدو الله أفجعتنا وجميع الاسلام، فمصيرك إلى النار، ولا بأس على سيدي فلقد قتل في جنب الله واختنقت بعبرتها، فقال لها ابن ملجم: يا أمة الله أبكي على نفسك إن كنت باكية، فلقد سقيته السم حتى عذقه، ولو كانت هذه الضربة على من في الأرض لأفنتهم جميعا.
قال محمد بن الحنفية: لما طرحناه على فراشه أقبلت أم كلثوم وزينب وهما يندبانه ويقولان: من للصغير حتى يكبر، ومن للكبير بين الملا، يا أبتاه حزننا عليك طويل وعبرتنا لا تبرح ولا ترقى. قال: فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب، وفاضت دموع أمير المؤمنين على خديه وهو يقلب طرفه وينظر إلى أهل بيته.