أمير المؤمنين (ع) يقول: لا يفوتكم الرجل، ولزم رأسه الشريف بيده وهو يقول: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله. وغشي عليه من انبعاث الدم على لحيته ووجهه، وقد صبغ جميع أثوابه وبدنه حتى احمرت الأرض، وسمع الناس نعي جبرائيل يقول: تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست أعلام التقى، وانفصمت العروة الوثقى، قتل والله علي المرتضى، قتل الوصي المجتبى، قتل خاتم الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء. فقامت أم كلثوم لاطمة خدها صارخة وا أبتاه وا علياه وا أماه وا فاطماه، فأخذت الناس الدهشة وهم لا يعلمون وإلى أين يذهبون حتى أحاطوا به (ع)، واختلطت النساء بالرجال، وهبت ريح سوداء مظلمة، والملائكة تنعاه في السماء.
وأقبل الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وبقية أولاده فوجدوه مشقوق الرأس، وقد علته الصفرة من انبعاث الدم وشدة السم، والناس من حوله في النياحة والعويل والبكاء المحرق للأكباد، فأخذ الحسن رأسه ووضعه في حجره، فأفاق وقال: هذا ما وعد الله ورسوله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم نظر إلى أولاده فرآهم تكاد أنفسهم تزهق من النوح والبكاء، فجرت دموعه على خديه ممزوجة بدمه، قال (ع): أتبكيا علي؟ ابكيا كثيرا واضحكا قليلا، أما أنت يا أبا محمد ستقتل مسموما مظلوما مضطهدا، وأما أنت يا أبا عبد الله فشهيد هذه الأمة وسوف تذبح ذبح الشاة من قفاك، وترض أعضاك بحوافر الخيل، ويطاف برأسك في مماليك بني أمية وحريم رسول الله تسبى، وإن لي ولهم موقفا يوم القيامة. فقال الحسن: من فعل بك هذا الفعل يا مولاي؟ فقال: فعله ابن ملجم المرادي وسوف يطلع عليكم الساعة من هذا الباب، وأشار بيده إلى باب كندة على يد رجل محب لنا أهل البيت، فاشتغل الناس بالنظر إلى باب كندة على يد رجل محب لنا أهل البيت، فاشتغل الناس بالنظر إلى باب كندة وقد غص بهم الجامع وهم بين باك وباكية، فبينما هم كذلك وإذا هم برجال قد دخلوا بابن ملجم اللعين مكشوف الرأس، وحذيفة