يذود الناس عنه وكل منهم يود [أن] يبرد غلة صدره، وأنى لهم الشفاء بعد قتل سيد الأوصياء، وكيف يبرد منهم الغليل وقد فقد من اهتز له عرش الجليل، لكنما الامر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[عجبا لمصقول أصابك حده * في الرأس منك وقد علاه غبار] [لم لا تقطعت السيوف بأسرها * حزنا عليك وطنت الأوتار] قال: ثم انكب الحسن على وجه أبيه يقبله، ففتح عينيه وقال: رفقا بي ملائكة ربي، فقال الحسن: يا أبت هذا عدو الله قد أمكننا الله منه، فالتفت إليه وقال: يا عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال: بلى، قال: فما حملك على ذلك؟ قال: إني شحذته أربعين صباحا، وسألت الله أن يقتل به شر خلقه.
فقال الحسن لحذيفة: كيف ظفرت بعدو الله؟ قال: كنت نائما وزوجتي إلى جانبي إذ سمعت نعي جبرائيل ينعي أمير المؤمنين أباك في السماء، فأيقظتني زوجتي وقالت لي: أنت نائم لا نامت عيناك وقد قتل أمير المؤمنين، فقلت مكذبا لها: فض الله فاك، قد ألقى الشيطان على سمعك ذلك، فقالت: والله ما أظن بيتا في الكوفة إلا دخله صوت التعزية من السماء وترديد القول بالنعاء، فوهى فؤادي وتحدرت مدامعي، فظللت مبهوتا، وإذا الناعي ينعي أباك في الأزقة والطرقات، والناس لا تفيق من البكاء والنحيب في كل جهة، فمددت يدي إلى قائم سيفي وسللته من غمده ونزلت حتى صرت في الجادة، وإذا بعدو الله يطلب مهربا وقد انسدت عليه الطرق في وجهه، فقلت: من أنت؟ فتسمى لي بغير اسمه، فسألته عن الصيحة وقتل أمير المؤمنين، فقال: لا علم لي بذلك، قلت: هلا تجي معي نتحقق الخبر، قال: أنا ماض (لا) أمر أهم من ذلك، قلت: أظن أنك قاتله، فأراد أن يقول لا فقال نعم، فهممت عليه فراغ عني، وإذا ببريق سيفه تحت ثيابه فتحققت أنه قاتل أمير المؤمنين، فعلوته بسيفي، فسقط إلى الأرض، فوقعت عليه، فخرج من أهل الجادة من ساعدني عليه وجئت به يا سيدي، فقال: الحمد لله الذي نصر وليه وخذل