وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٥٤
الأمة، فقال لي: ادع عليهم فإن الله تعالى لا يرد دعائك، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا، وأبدلهم بي شرا. ثم إنه (ع) أسبغ الوضوء، وأخذه الفكر مما لحقه من التعب في طلب إصلاح هذه الأمة وما قصدوه به من الأذية، فخرج يسعى.
قال إسماعيل بن عبد الله الضلعي: بت قريبا من الحيرة، فلما جنني الليل وإذا أنا برجل قد أقبل، فاستتر برابية، ثم صف قدميه فأطال في المناجاة، وكان فيما قال: اللهم إني سرت فيهم بما أمرني رسولك وصفيك المرسل فظلموني، وقاتلت المنافقين كما أمرني فجهلوني، وقد مللتهم وملوني، وبغضتهم وبغضوني، فلم يبق لي خلة انتظرها إلا المرادي، اللهم فاجعل له الشقاء، وتغمدني بالسعادة، إنه قد وعدني نبيك إذا سألتك اللهم [فإنه لن يرد دعائي] وقد رغبت إليك في ذلك. ثم مضى فقفوت خلفه حتى دخل منزله، فإذا هو علي بن أبي طالب.
ولما أخذ مضجعه بعد أن صلى العشاء الآخرة، رأى النبي محمدا (ص) وهو يقول له: يا أبا الحسن إني إليك مشتاق، وإن الله سيلحقك بنا عن قريب وعند الله خير وأبقى، ثم انه انتبه (ع) وجميع أولاده وأهل بيته وعشيرته، فأخبرهم ونعاهم نفسه، فأخذوا في البكاء والنحيب، فنهاهم عن ذلك وجعل يوصيهم بفعل الخير واجتناب السوء، ثم تفرقوا واشتغل بالصلاة والدعاء والتلاوة، ثم يخرج تارة إلى خارج الدار ينظر في الكواكب والعلامات لما أخذه من القلق والأرق، ويكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم بارك لي في الموت وما بعد الموت، اللهم بارك لي يوم ألقاك، والله ما كذبت ولا كذبت وإنها الليلة التي وعدت فيها. ثم نعس قليلا واستيقظ وأسبغ الوضوء، ونزل وكان في الدار إوز أهدي للحسن والحسين (ع)، فلما صار في صحن الدار تصارخن في وجهه فقال: لا إله إلا الله صوائح تتبعها نوائح من نسوة صوارخ، فسمع ذلك الحسن، فقال: وما ذاك يا أبتاه، قال: يا بني إن
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست