ثم أن الحسين قام في جهاز أخيه الحسن، وأمر عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر أن يناولاه الماء، فغسله، وحنطه، وكفنه، كما أمره، وصلى عليه في جملة أهل بيته وشيعته.
ثم إن والي المدينة سعيد بن العاص أتى وصلى على الحسن، وأمر الناس بالصلاة عليه.
ثم أنهم حملوه على سريره إلى قبر رسول الله ليجددوا عهدا.
ثم أنه أتى مروان بن الحكم وخرج شاكا في سلاحه، ومعه بنو أمية شاكين في السلاح، وهم لا يشكون أنهم يريدون دفن الحسن عند جده رسول الله، فتجمعوا ولبسوا السلاح، فلما توجه الحسين إلى قبر جده أقبلوا في جمعهم، ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول: ما لي ولكم يا بني هاشم، أتريدون أن تدفنوا في بيتي من لا أحب.
وجعل مروان بن الحكم يقول:
يا رب هيجا هي خير من دعة أيدفن عثمان في أقصى المدينة، ويدفن الحسن عند جده رسول الله؟
والله لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف، وكادت تقع بينهم فتنة عظيمة بين بني أمية، فبادر ابن عباس إلى مروان بن الحكم وقال له: ارجع من حيث جئت، فإنا لا نريد دفنه عند رسول الله، لكن جئنا لنجدد به عهدا وميثاقا عند جده، ثم نرده إلى قبر جدته فاطمة بنت أسد وندفنه هناك لوصية تقدمت منه، ولو كان أوصى بدفنه عند جده لعلمت أنك أقصر باعا عن ردنا عن ذلك، ولكنه أعلم بالله ورسله وبحرمة قبره أن يطرقه هدم كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير أذنه. ثم أقبل على عائشة وقال لها: وا سوأتاه لك، يوما على جمل ويوما على بغل، تريدين أن تطفئي نور الله وتقاتلين مع أعداء الله، ارجعي فقد كفيتي ما تخافين وبلغتي ما تحبين، والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.