وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١١٦
وتأمرها أن تسم الحسن. فقال معاوية: نعم الرأي، وليكن أنت الرسول إليها، فقال: لا بل يكون الرسول غيري، لأني إذا سرت إليها يستوحش الحسن من ذلك، فربما فات المراد، فاستدعى معاوية رجلا من بطانته وخاصته، ودفع إليه مائة ألف درهم، وكتب معه كتابا إلى جعدة بنت الأشعث، وأوعدها بالعطاء الجزيل، وأن يزوجها من ابنه يزيد إذا قتلت الحسن. فسار الرجل ونزل في بعض بيوت المدينة، وأرسل إلى جعدة سرا، فأتت إليه، فدفع لها المال والكتاب الذي من عند معاوية، فسرت الملعونة بذلك سرورا عظيما، وكانت على رأي أبيها من بغض علي بن أبي طالب، وعلمت أن أباها هو الذي أشار على معاوية بذلك، فما زالت الملعونة تتربص به الغرة وتنتهز فيه الفرصة والغفلة، حتى كانت ليلة من الليالي قدم إلى منزله، وكان صائما في يوم صائف شديد الحر، فقدمت إليه طعاما فيه لبن ممزوج بعسل قد ألقت فيه سما، فلما شربه أحس بالسم، فالتفت إلى جعدة وقال لها: قتلتني يا عدوة الله قتلك الله، وأيم الله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك وسخر بك فالله مخزيه ومخزيك.
ثم أنه (ع) لزم البيت وألزم نفسه الصبر وسلم لله الامر، فاشتد الامر عليه، فبقي طوال ليلته فأكب عليه ولده عبد الله وقال له: يا أبت هل رأيت شيئا فقد أغممتنا؟ فقال: يا بني هي والله نفسي التي لم أصب بمثلها، ثم قال:
افرشوا لي في صحن الدار واخرجوني لعلي أنظر في ملكوت السماوات، ففرش له في صحن الدار وأخرج فراشه، فدخل عليه أخوه الحسين فرآه متغيرا وجهه مائلا بدنه إلى الخضرة، فقال له الحسين: بأبي أنت وأمي ما بك فقال له: يا أخي صح حديث جدي رسول الله في وفيك، فقال له: ما حدثك به جدك وماذا سمعت منه؟ فبكى الحسن ومد يده إلى أخيه الحسين واعتنقا طويلا وبكيا بكاء شديدا، ثم قال: أخبرني رسول الله أنه قال: مررت ليلة المعراج على منازل أهل الايمان وبروضات الجنان، فرأيت قصرين عاليين متجاورين
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست