أفرضي الله بقتل عثمان، أو من الحق أن تطوف بالبيت كما يطوف الجمل بالطحن، عليك ثياب كغرقى البيض وأبوك قاتل عثمان، والله إنه لألم للشعث وأسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك. فقال الحسن: إن لأهل النار علامات يعرفون بها، المحادة لأولياء الله، والموالاة لأعداء الله، والله إنك لتعلم أن عليا لم يرتاب في الدين، ولا شك في الله طرفة عين قط، وأيم الله لتنتهين يا ابن أم عمرو أو لأنفذن في حضينتك بنوافد أشد من القعضبية، فإياك والتهجم علي، فاني لست ممن عرفت بضعيف الغيرة ولا هش المساسة ولا مري المآكلة، وإني من قريش كواسطة القلادة، يعرف حسبي ونسبي، ولا ادعي لغير أبي، وأنت ممن تعلم وتعلم الناس، تحاكمت فيك رجال من قريش، فغلب عليك جزارها ألثما حسبا وأدناها لوما، فإياك عني، فإنك رجس ونحن أهل بيت الطهارة، أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، فانصرف عمرو حزينا كئيبا يرعد خوفا، فقال له بعض من كان معه من أصحابه: مالك يا عمرو رعدت وفحمت؟ فقال له: ذكرت يا ويلكم بكلامه شجاعة أبيه علي بن أبي طالب، فلم أملك على نفسي، فأنشد يقول:
[أما حسن يا ابن الذي كان قلبه * إذا سار سار الموت حيث يسير] [وهل يلد الريبال إلا نظيره * وذا حسن شبه له ونظير] [ولكنه لو يوزن الحلم والحجى * بأمر لقالوا يذبل وتبير] ثم أن معاوية لا زال بعد الاستقرار بالامر يتجبر في ملكه ويفتك بشيعة أمير المؤمنين، ثم انه استلحق بزياد، وأشاع بإخوته مراغمة لرسول الله، حيث قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم توصل إلى حجر بن عدي الزاهد العابد، فقتله رحمة الله عليه مع أصحابه، لأنه عرض عليه البراءة من علي بن أبي طالب فأبى فقتله.
وروي أن حجرا دخل على علي عند حضور وفاته، فالتفت إليه أمير المؤمنين، فقال له: كيف لي بك يا حجر إذا دعيت إلى سبي والبراءة