أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال الحسن: يا معاوية محمد أبي أم أبوك، فإن قلت إنه ليس بأبي فقد كفرت، وإن قلت أنه أبي فقد أقررت بحقنا، وأنت تغصبنا ما هو لنا ولا ترد علينا حقنا؟ فقال له معاوية: يا حسن أنا خير منك، فقال (ع): ولم ذلك؟ فقال: إن الناس أجمعوا علي ولم يجمعوا عليك، فقال (ع): هيهات هيهات، إن هذا لشر علوت به يا بن هند، ألم تعلم أن المجمعين عليك رجلان مطيع ومكره، فالطائع لك عاص لله، والمكروه معذور عند الله، وحاشا الله أن أقول أنا خير منك، لأنك لا خير فيك، وإن الله تعالى قد برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل، فهل لك أب كأبي تبايعني به، أو لك قديم كقديمي تساميني به، فهل تقول نعم يا معاوية، أو تقول لا؟ فقال: بل أقول نعم وهي لك تصديق، فتعجب الحاضرون من ذلك ومن كلام الحسن، وأدركت معاوية الندامة وقال: أصاب متثبت أو كاد، وأخطأ عجل أو كاد، ماذا أردت من خطبة الحسن، ثم أن معاوية صعد المنبر فخطب خطبة طويلة وذكر عليا ونال منه، فقام له الحسين ويده في قائم سيفه، فأخذه الحسن بيده وقال:
أيها الذاكر عليا أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول الله وجدك عتبة، وجدتي خديجة وجدتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا وأشرفا، قديما وحديثا، وأقدمنا كفرا ونفاقا. فقالت طوائف من أهل المسجد: آمين.
قال الفضل بن الحسن البصري راوي هذا الحديث: آمين، وقال يحيى بن معين، آمين، وأنا أقول: آمين، وقال علي بن الحسين الأصبهاني: آمين، وقال عبد الحميد بن أبي الحديد: آمين، قلت ويقول مؤلف هذا الكتاب: آمين، ورحم الله عبدا قال: آمين.
ثم خرج الحسن وأخوه الحسين من المسجد، فدخل عليه وجوه الشيعة وأكابر أصحاب أمير المؤمنين يلومونه على الصلح ويبكون إليه جزعا مما فعله،