[ولولا كثرة الباكين حولي * على إخوانهم لقتلت نفسي] [ولا يبكون مثل أخي ولكن * أسلي النفس عنه بالتأسي] ثم أقبلت زينب بنت علي (ع) وشهقت شهقة كادت روحها أن تخرج منها، وبكت بكاء شديدا حتى غشي عليها، فلما أفاقت من غشوتها بكت وقالت:
[أخي إن كنت قد أبكيت عيني * فقد أضحكتني زمنا طويلا] [بكيتك في نساء معولات * وكنت أحق من يبدي العويلا] [دفعت بك الخطوب وأنت حي * فمن ذا يدفع الخطب الجليلا] [إذا قبح البكاء على قتيل * رأيت بكاءك الحسن الجميلا] وفي رثاء الحسن يقول سليمان بن قبة وكان محبا له:
[يا كذب الله من نعى حسنا * ليس لتكذيب نعيه ثمن] [كنت خليلي وكنت خالصتي * لكل حي من أهله سكن] [أجول في الدار لا أراك وفي * الدار أناس جوارهم غبن] [أبدلتهم منك ليت أنهم * أضحوا وبيني وبينهم عدن] ثم أن محمد بن الحنفية كان غائبا يوم وفاة أخيه الحسن (ع) فقدم في اليوم الثالث من وفاته، فسمع بموت أخيه الحسن، فبكى بكاء شديدا، ثم أتى للحسين (ع) وهو في المعزى، فلما رأى الحسين لم يتمالك في البكاء حتى غشى عليه زمنا طويلا، فلما أفاق من غشوته قال: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله، لئن سررتني بحياتك فقد أحزنتني بفقدك، فنعم الكفن كفنا تضمن جسدك، ونعم القبر قبرا ضم جسمك، وكيف لا تكون كذلك وأنت ابن مأوى التقى، وخامس أهل العبا، ابن خير الأوصياء، وابن سيدة النساء، محلك من الشرف وسطا، وتقدمت فيه فرطا، فلئن كانت نفوسا غير طيبة بفراقك، فإنها