وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١١٢
[ولكنه ما حم لا بد واقع * وما هذه الدنيا بدار قراري] فكأني بلسان حال تلك المنازل حيث عظم عليها لفراقه الخطب النازل وساورها الخطب الهائل القيم الدائم، فاشتمل عليه الغم المتراكم لفراق تلك الأخلاق المسكية العطرة، والشمائل الزكية النضرة، والاستيحاش من الانس بالتهجد في الأسحار والاشراق بالعلوم، والاذكار بالليل والنهار، وفقد أياديهم المقلدة أعناق الزمان بالفضل والاحسان، تبكيهم من قلب ذائب بايد، وطرف ساجم غير جامد، ويبدي الشكاية والحنين، ويدعوهم من قلب حزين، وينشد ويقول بما قال بعض ذوي العقول:
[لقد كنت أبكي والديار أنيسة * وما ضغنت للطاعنين قفول] [فكيف وقد شط المزار وروعت * فريق التداني فرقة ورحيل] [إذا غبتم عن ربع حلة بابل * فلا سبحت للسحب فيه ذيول] [ولا هب معتل النسيم ولا سرى * بليل على تلك الربوع بليل] [وما النفع فيها وهي غير أواهل * ومعهدها ممن عهدت محيل] [تنكر منها عرفها فأهيلها * غريب وفيها الأجنبي أهيل] [نقاضي النوى مني فما لظلاله * مقيل ولا مما جناه مقيل] [فحسبي إن شطت بكم غربة النوى * علاج يحول لا يكاد يحول] [لعل الصبا إن شطت الدار أو نأى * مثالكم أو عز منك مثيل] [تمر بنا في الليل وهنا عسى بها * يداوي عليل أو يبل غليل] [أروم بمعتل الصبا بروء علتي * وأعجب ما يشفي العليل غليل] [فليس بمجد فيك وجدي ولا البكا * مفيدي ولا الصبر الجميل جميل] [فإن خف حزن الثاكلات لسلوة * فحزني على مر الدهور ثقيل] ثم سار الحسن حتى دخل المدينة، فأقام بها ملازما بيته، كاظما غيظه، مسلما لله أمره، ثم توجه إلى بيت الله الحرام، وساق معه المحامل، وحج
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست