وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١١١
ولما وقع الصلح بين الحسن ومعاوية انعزل قيس بن سعد بن عبادة ومن معه، وكان معه أربعة آلاف فارس، فأبى أن يبايع، فألزمه معاوية على البيعة وأكرهه على ذلك، فجاء قيس بن سعد إلى الحسن وقال له: يا ابن رسول الله أنا في حل من بيعتك؟ قال: نعم، فانصرف قيس وبايع، وكان قيس رجلا طويلا إذا ركب الفرس المشرف رجلاه تخطان في الأرض وما في وجهه طاقة شعر، وكان يسمى خصي الأنصار لقلة شعره، فلما أرادوا إدخاله على معاوية للبيعة قال:
إني حلفت لا ألقاه إلا وبيني وبينه الرمح والسيف، فأمر معاوية بإحضار رمح وسيف ليبر يمينه، ودخل على معاوية، فوضع له كرسي وجلس معاوية على سريره والحسن (ع) معه، فقال له، أتبايع يا قيس؟ قال: نعم، فوضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية، فأكب معاوية على قيس بن سعد بن عبادة حتى مسح يده على يده، ولم يرفع قيس إليه يده.
ثم أن الحسن (ع) أقام في الكوفة أياما، ثم تجهز للشخوص إلى المدينة فدخل عليه المسيب بن نجية وظبيان بن عمارة لوداعه، فقال الحسن: الحمد لله الغالب على أمره، لو اجتمع الخلق جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا، فقال أخوه الحسين (ع) للمسيب: لقد كنت كارها لما كان طيب النفس على سبيل أبي حتى أعزم على أخي فأطعنه، فكأنما يجذ أنفي بالمواسي، ولكنه الامام وتجب علينا طاعته، قال المسيب: إنه والله ما يكبر علينا هذا الامر إلا أن تضاموا وتقصوا وأما نحن فإنهم يطلبون مودتنا بكل ما قدروا عليه، فقال الحسين (ع): يا مسيب إنا نعلم أنك تحبنا، فقال الحسن (ع): سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله يقول: من أحب قوما كان معهم، فعرض له المسيب وظبيان بالرجوع عن المسير فقال: ليس إلى ذلك من سبيل، فلما كان من الغد خرج (ع) بأهله وإخوته وأولاده وجميع من يليه من أهل بيته، وخرج سائرا، فلما صار بدير هند، نظر إلى الكوفة وقال:
[وما عن قلا فارقت دار معاشري * هم المانعوني حوزتي وذماري]
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست