هو في شأن.
ولما وصل خبر طعن الحسن ونهبه إلى معاوية سر سرورا عظيما، وأشاع ذلك في عسكره وعسكر قيس الذي هم لمرابطته ليزعزع قلوبهم ويرهبهم، وجعل أصحاب الحسن الذين مع قيس يتسللون إلى معاوية، فكتب قيس بذلك للحسن، فخطب الناس ووبخهم وقال: خالفتم أبي حتى حكم وهو كاره، ثم دعاكم إلى قتال أهل الشام بعد التحكيم فأبيتم، حتى صار إلى كرامة الله عز وجل، ثم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، وقد بلغني خبر وهو أن أهل الشرف منكم أتوا معاوية فبايعوه، فحسبي منكم لا تغروني في ديني ونفسي.
وأما قيس فلم يلتفت إلى كلام معاوية وقال: لا أفارق هذا المكان حتى يأذن لي الحسن بالانصراف، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: ألا إن أردت منهم الصلح وتسليم الامر فاطلب منه ذلك، لأني أرى أنهم قد اختلفت كلمتهم وذهبت نارهم، فكتب معاوية إلى الحسن كتابا يقول فيه:
أما بعد، فإن الله يفعل في عباده ما يشاء (لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب) (1)، وإني أرى لك يا حسن أن تدخل في طاعتي ولك الامر من بعدي، ولك في بيت مال العراق من مال بالغ ما بلغ تحمله إلى حيث شئت، ولك خراج أي كور أردت في العراق معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن تستولي بالأشياء، ولا تقضى دونك الأمور، ولا تعصى في أمر أردت، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب، واحذر يا حسن أن تكون منيتك على أيدي رعاع الناس، فأبوك من قبلك الأسد الباسل، وقد أفسدوا عليه أمره، فأيس من أن يجد فينا عزة، وإن أنت أعرضت عما أنت عليه وبايعتني، وفيت لك بما وعدت، وأجريت لك ما