فروي أنه دخل عليه سفيان بن أبي الليل النهدي، قال سفيان: فأتيت إليه وعنده رهط من شيعته وهو جالس بفناء داره، فقلت له: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال، وعليك السلام يا سفيان انزل، فنزلت وعقلت راحلتي، ثم أتيت وجلست إلى جانبه، فقال لي، كيف قلت يا سفيان؟ قال: قلت السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال: ما جرى هذا منك إلينا؟ قلت: أنت والله بأبي وأمي أذللت رقابنا حيث أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت له الامر ومعك مائة الف كلهم يموتون دونك، فقد جمع الله عليك أمر الناس، فقال لي: يا سفيان إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به، وإني سمعت عليا يقول: لن تنقضي الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرة، ضخم البلعوم، يأكل ولا يشبع، لا ينظر الله إليه ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر، وإنه لمعاوية، وقد عرفت أن الله بالغ أمره، ثم أمر المؤذن أن يؤذن، فقمنا على حالب يحلب ناقة، فتناول الحسن الاناء وشرب قائما. ثم سقاني، وخرج وخرجنا إلى المسجد، فقال: ما جاء بك يا سفيان؟ قلت: حبكم والذي بعث محمد بالحق نبيا بالهدى ودين الحق، قال: ابشر يا سفيان، فإني سمعت رسول الله يقول: يرد على الحوض أهل بيتي ومن تبعهم من أمتي كهاتين، أحدهما تفضل على الأخرى، ابشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر، حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمد، ولما وصل خبر الصلح إلى حجر بن عدي رضي الله عنه، اغتم غما شديدا وأنشأ بهذه الأبيات يقول:
[أتاني فريق العال من آل مسكن * بأن إمام الحق أضحى مسالما] [فما زلت مدنيفا له بكآبة * أراعي نجوما خاشع الطرف واجما] [فراجعت نفسي ثم قلت لها اصبري * فإن إمامي كان بالامر عالما] [فبلغه عني أنني كنت شيعة * له وعلى أعدائه كنت ناقما] [أطاعنهم بالرمح في رهج الوغى * وأعلوا بسيفي هامهم والجماجما] [ونحن لمن سالمت سلم ومن يكن * عدوك نقرعه العداوة راغما]