وحرك شفتيه، فلما دخل وسلم وقعد فرد عليه السلام، ثم قال: أما والله لقد هممت أن لا أترك لك نخلا إلا عقرته، ولا مالا إلا أخذته.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل ابتلى أيوب فصبر، وأعطى داود [سليمان] فشكر، وقدر يوسف فغفر، وأنت من ذلك النسل، ولا يأتي ذلك النسل إلا ما يشبهه، فقال المنصور: صدقت فقد عفوت عنكم، فقال له:
يا أمير المؤمنين، إنه لم ينل منا أهل البيت أحد دما إلا سلبه الله ملكه، فغضب [المنصور] لذلك واستشاط، فقال (عليه السلام): على رسلك يا أمير المؤمنين، إن هذا الملك كان في آل أبي سفيان، فلما قتل يزيد لعنه الله حسينا (عليه السلام)، سلبه الله ملكه، فورثه الله آل مروان، فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه، فورثه مروان بن محمد، فلما قتل مروان إبراهيم (1) سلبه الله ملكه، فأعطاكموها، فقال المنصور: صدقت، هات ارفع حوائجك. فقال (عليه السلام): الإذن، فقال: هو في يدك متى شئت، فخرج.
فقال له الربيع: قد أمر لك بعشرة آلاف درهم. قال: لا حاجة لي بها. قال:
إذن يغضب. فقال (عليه السلام): هاتها، فأخذها ثم تصدق بها (2).
ولما بلغ جعفر الصادق (عليه السلام) قول الحكم بن عباس الكلبي:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم أر مهديا على الجذع يصلب فرفع جعفر يديه إلى السماء وهما يرتعشان، فقال: اللهم سلط على الحكم