موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢١٥
فنظر إليه فوجده قاعدا. قال: ثم قال: عد مكانك. قال: فأقبل يضرب يدا على يد، فلما قام أبو عبد الله (عليه السلام) وخرج دعا حاجبه وقال: بأي شيء أمرتك؟
فقال: والله ما رأيته حين دخل ولا حين خرج إلا عندك وهو قاعد.
وفي كتاب مشارق الأنوار روي أن المنصور لما أراد قتل الصادق (عليه السلام) دعا قوما من الأعاجم لا يعرفون الإسلام ولا يفهمون ولا يعقلون، فخلع عليهم الديباج والوشي وحمل إليهم الأموال ثم استدعاهم وكانوا مائة رجل، فقال للترجمان: قل لهم: إن للملك عدوا يدخل عليه الليلة فاقتلوه إذا دخل عليه، قال: فأخذوا أسلحتهم ممتثلين لأمره. فاستدعى جعفرا (عليه السلام) وأمره أن يدخل عليه وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم هذا عدوي فقطعوه، فلما دخل (عليه السلام) ونظروا إليه تعاووا كعوي الكلاب ورموا أسلحتهم وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم وخروا له سجدا ومرغوا وجوههم على التراب، فلما رأى المنصور ذلك خاف على نفسه وقال:
ما جاء بك؟ قال (عليه السلام): أرسلت إلي فأجبتك وما جئتك إلا مغتسلا متحنطا.
فقال المنصور: معاذ الله أن يكون ما تزعم ارجع راشدا. فرجع جعفر (عليه السلام) والقوم على وجوههم سجدا، فقال المنصور للترجمان: قل لهم لم لا قتلتم عدو الملك؟
فقالوا: نقتل ولينا والذي يلقانا كل يوم ويدبر أمورنا كما يدبر الرجل ولده ولا نعرف لنا وليا سواه، فخاف المنصور من قولهم وسرحهم تحت ظلام الليل ثم قتله بعد ذلك بالسم.
وقد طلبه مرارا وعزم على قتله سرا وجهارا، وحيث لم يحتم المقدور صرف الله تعالى عنه ذلك البلاء والشرور. فلما أحب الله تعالى شهادته وحضر وقته وأحب لقائه أغار عليه المنصور، فدس إليه سما نقيعا في عنب ورمان بواسطة عامله على المدينة، فأكله سلام الله عليه فجعل يجود بنفسه وقد اخضر لونه وصار يتقيأ
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»