موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ٢٢٢
وكان من أبرز هذه الجولات في سبيل مناوأته لعلي وأولاده ولمبادئهم وأهدافهم، أنه فرض لعنهم في جميع البلدان الخاضعة لنفوذه، بما ينطوي تحت مفاد " اللعن " من إنكار حقهم، ومنع رواية الحديث في فضلهم، وأخذ الناس بالبراءة منهم، فكان - بهذا - أول من فتح باب اللعن في الصحابة، وهي السابقة التي لا يحسده عليها مسلم يغار على دينه، وتوصل إلى استنزال الرأي العام على إرادته في هذه الأحدوثة المنكرة، بتدابير محبوكة، تبتعد عن مبادئ الله عز وجل، بمقدار ما تلتحم بمبادئ معاوية.
وإن من شذوذ أحوال المجتمع، أنه سريع التأثر بالدعاوات الجارفة القوية - مهما كان لونها - ولا سيما إذا كانت مشفوعة بمطامع المال ومطامع الجاه من جهة، والإرهاب والتنكيل من جهة أخرى.
وما يدرينا بم رضي الناس من معاوية، فلعنوا معه عليا وحسنا وحسينا (عليهم السلام)؟ وما يدرينا بماذا نقم الناس على أهل البيت فنالوا منهم كما شاء معاوية أن ينالوا؟!
ربما يكون قد أقنعهم بأن عليا وأولاده، هم الذين حاربوا النبي (صلى الله عليه وآله) إبان دعوته، وإنهم هم الذين حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وهم الذين ألحقوا العهار بالنسب، وهم الذين نقضوا المواثيق وحنثوا بالأيمان، وقتلوا كبار المسلمين صبرا، ودفنوا الأبرياء أحياء، وصلوا الجمعة يوم الأربعاء (1).
وربما يكون قد أطمعهم دون أن يقنعهم، وربما يكون قد أخافهم دون أن يطمعهم، فكان ما أراد " وارتقى بهم الأمر في طاعته إلى أن جعلوا لعن علي سنة

(1) يراجع عن هذا: مروج الذهب 2: 72، وعن غيره مما ذكر قبله.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»