موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٩٥
والاجتماعية والفكرية والسلوكية والتربوية. فهو ثورة صامتة في سياسته ومركزه الاجتماعي، ودوره الواسع الخطير في ترسيخ الفكر الرسالي، والأسلوب التربوي.
وفي فرضه المقارنة على المجتمع الإسلامي بين عطاء الرسالة وعطاء الحاكمين، وبين سلوكه الرسالي وسلوك الحكام.
وإن امتناعه عن القيام المسلح ضد الحكم إنما كان بسبب نفاذ بصيرته ومعرفته الدقيقة بالأمور ونتائجها. ولو كان يعلم أن الإقدام هو المجدي لأقدم لا يهمه ما يعتوره من السيوف، وما يحيط به من أسباب الموت.
موقف الإمام (عليه السلام) من الخلافة والخلفاء وقد تفرغ الإمام الصادق (عليه السلام) لأداء الرسالة العلمية، واستغنى عن طلب الرئاسة والسلطة السياسية (1)، في حين إنه كان يحمل على عاتقه عبء الحفاظ على مكانة بني هاشم وعلى دمائهم، لأن الإمام (عليه السلام) كان أكبرهم منزلة. وفي سنة 121 ه‍ - 741 م) قتل عمه زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) في حرب بني أمية، وكان لها وقع شديد في نفس الإمام (عليه السلام)، وزاد موقفه حرجا. وزاد ثقل العبء على كاهله، غير أنه استطاع بمقدرته ولباقته اجتناب غضب بني أمية بزهده في دنياهم واعتزاله في بيته ومدرسته، حينا في المدينة وحينا في الكوفة، منصرفا إلى إفادة طلاب العلم والعبادة.

(1) يقول الشهرستاني: إنه (عليه السلام) ما تعرض للإمامة قط، ولا نازع أحدا الخلافة، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حظ.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»