ويدخل الديصاني بعدها على الإمام ويستأذنه في المناظرة فيأذن له، فقال له: يا جعفر بن محمد، دلني على معبودي، فتناول الإمام بيضة كانت في يد غلام له في المجلس يلعب بها وقال: يا ديصاني، هذا حصن له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة، وفضة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط مع الفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة تختلط مع الذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها، ولا دخل لها داخل مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدري للذكر خلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس، أترى لها مدبرا؟
فأطرق الديصاني مليا وأسلم كما قيل (1).
وفي احتجاج الطبرسي: فأطرق مليا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه.
لقد كانت وقفة متأملة رائعة من الإمام، أمام الإعجاز المحير في خلق البيضة وتكوينها، فوجئ بها الديصاني، وفوجئت بها نوازع الشك في نفسه، وكيف له أن ينكر أن لها مدبرا، وهي بهذه الدقة من التكوين والإبداع، إلا أن يتناسى في نفسه موازين إنسانيته التي تعتمد الوجدان قاعدة لها في التسليم والفهم.
مناظراته (عليه السلام) مع الديصاني:
روى المفيد: أن أبا شاكر الديصاني وقف ذات يوم في مجلس