موسوعة المصطفى والعترة (ع) - الحاج حسين الشاكري - ج ١٠ - الصفحة ١٢٨
الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم " (1).
لقد عرف المسلمون مقام أهل البيت (عليهم السلام) وحقهم على هذه الأمة وموقعهم السياسي الذي ينبغي أن يشغلوه، وهو موقع القيادة والإمامة، لذا كان أهل البيت (عليهم السلام) على امتداد تأريخ الإسلام السياسي على قمة الهرم السياسي، وفي طليعة المعارضة المستهدفة للإصلاح وتطبيق أحكام الإسلام وإقامة العدل.
وواضح لدى الدارسين لتأريخ الإسلام السياسي أن الخلافة ورعاية شؤون الأمة بعد انقراض الخلافة الراشدة تحولت إلى ملك عائلي، وسلطة وتسلط، واستئثار بالأموال والمناصب، وتعطيل لأحكام الشريعة وتلاعب بها، فسبب هذا التلاعب بالشريعة ومصالح الأمة قيام الثورات والانتفاضات والصراع المرير الدامي، فسفكت الدماء، وانتشرت الفرقة والفتن، ونشأت الأفكار والنظريات المنحرفة على طرفي نقيض، فبعضها يبرر للحكام ظلمهم وسيطرتهم على الأمة ويدعو للخنوع والاستسلام وتحريم المعارضة وعدم نقض بيعة الظالم والرضا به على كل حال، وبعضها استغل الفرصة للقضاء على الإسلام وأهله، فدعا بدعوات ضالة جاهلية، دعا إلى إباحة المحرمات والأموال والنساء وترك الواجبات، كالقرامطة والمزدكية والخرمية وأمثالهم، وبعضهم دعا إلى الفوضى والتخريب وإباحة الدماء وتكفير الجميع كالخوارج ومن تأثر بتيارهم.
وهكذا تبلبل الفكر السياسي ونشأت الاضطرابات والحروب الداخلية، وفي كل مشكلة فكرية وعقائدية تعايشها الأمة يكون أهل البيت (عليهم السلام) هم الفئة الرائدة والمركزية الرسالية الموجهة للتيار السليم، والمثبتة لمنهج الحق، فيتبع رأيهم،

(1) حلية الأولياء 3: 194.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»