أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: إنك لأحد النجوم الزواهر، وكان آباؤك بدورا بواهر، وأمهاتك عقيلات عباهر، وعنصرك من أكرم العناصر، وإذا ذكر العلماء فعليك تثنى الخناصر، خبرنا أيها الحبر الزاهر، ما الدليل على حدوث العالم؟ فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): من أقرب الدليل على ذلك ما أظهره لك، ثم دعا ببيضة فوضعها في راحته وقال: هذا حصن ملموم داخله غرقئ رقيق يطيف به كالفضة السائلة والذهبة المائعة، أتشك في ذلك؟ قال أبو شاكر: لا شك فيه، قال أبو عبد الله (عليه السلام):
ثم إنه ينفلق عن صورة كالطاووس، أدخله شيء غير ما عرفت؟ قال: لا.
قال (عليه السلام): فهذا دليل على حدوث العالم. فقال أبو شاكر الديصاني: دللت يا أبا عبد الله فأوضحت، وقلت فأحسنت، وذكرت فأوجزت، وقد علمت أنا لا نقبل إلا ما أدركناه بأبصارنا، أو سمعناه بآذاننا، أو ذقناه بأفواهنا، أو شممناه بأنوفنا، أو لمسناه ببشرتنا، فقال (عليه السلام): ذكرت الحواس الخمس وهي لا تنفع في الاستنباط إلا بدليل كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح، يريد بذلك (عليه السلام) أن الحواس الخمس بغير عقل لا توصل إلى معرفة الغائبات وأن الذي أراه من حدوث الصور معقول، بني العلم به على محسوس.
ومن مناظراته في التوحيد مع الزنادقة، ما ورد في حوار طويل مع أحد الزنادقة يشتمل على متنوعات كثيرة من الأسئلة التعجيزية، فقد سأله زنديق:
كيف يعبد الله الخلق ولم يروه؟
قال الإمام: رأته القلوب بنور الإيمان، وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان، وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب، وإحكام التأليف، ثم الرسل وآياتها، والكتب ومحكماتها، واقتصرت العلماء ما رأت من عظمته دون رؤيته.
قال الزنديق: أليس هو القادر أن يظهر حتى يروه فيعرفونه فيعبد على