والبرق والصواعق كل ذلك إنما هو دليل على أن هناك مدبرا يدبر كل شيء ومن عنده ينزل، وقد كلم الله موسى وناجاه، ورفع عيسى بن مريم، والملائكة تنزل من عنده، غير أنك لا تؤمن بما لم تره بعينك، وفيما تراه بعينك كفاية.
والذي نلاحظه هنا، أن طرح الأسئلة من المناظر كان بدافع التعجيز والجدل غير المنطقي، وهو نظير أسئلة بني إسرائيل لموسى (عليه السلام).
ويدخل ابن أبي العوجاء مرة على الإمام (عليه السلام)، وفي كلماته سخرية ومكر، فيسأله: أليس تزعم أن الله خالق كل شيء؟
فقال الإمام: بلى.
قال ابن أبي العوجاء: أنا أخلق.
فقال الإمام: كيف تخلق؟
قال: أحدث في الموضع ثم ألبث عنه فيصير دوابا فكنت أنا الذي خلقتها.
وكان ابن أبي العوجاء أراد أن يثير الإمام بأسلوبه النابي البعيد عن لياقة التهذيب وآداب السؤال ليثير مشاعر الإمام، ويستفزه من موقعه الجدي، ولكن الإمام كان في إجابته متماسكا في جديته، بعيدا عن موجبات الانفعال والتأثير، شأنه شأن أصحاب الرسالات الذين لا يتطلعون إلا إلى الهدف، غير عابئين باللسعات الطائشة التي تعترضهم من أشواك الطريق، وقد فاجأ الإمام مناظره بسؤاله: أليس خالق كل شيء يعرف لم خلقه؟
قال ابن أبي العوجاء: بلى.
قال الإمام: فتعرف الذكر من الأنثى وتعرف عمرها؟ فسكت الذي كفر.
وقد ذوى فيه زهو سخريته ومكره، بعد أن عرف ضياع نفسه في متاهات الجهل والعناد.