على استواء الكمال، مجمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما نهي عنه وزجر، الله المنشئ للأرواح والصور.
فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت الله فأحلت على الغائب.
فقال الإمام: كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم، ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم؟
فقال الزنديق: فهو في كل مكان، أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض؟ وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟
فقال الإمام: إنما وصفت المخلوق، الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في مكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان، فلا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب إلى مكان (1).
فسكت الزنديق ولم يحر جوابا وخرج مرغما مهزوما.
ومن ابن أبي العوجاء وابن المقفع ننتقل بالحديث إلى زنديق آخر، هو أبو شاكر عبد الله الديصاني، الذي افتتح الحوار مع الإمام الصادق (عليه السلام) من خلال هشام بن الحكم، فقد التقى به وسأله: ألك رب؟
فقال هشام: بلى.
قال الديصاني: أقادر هو؟
قال هشام: نعم، قادر قاهر.
قال الديصاني: يقدر أن يدخل الدنيا كلها في البيضة، لا تكبر البيضة