نموذجا للإنسان المتخصص غير الملتزم الذي جمع بين خبث السريرة وظلمة الروح وبين التدبير والدهاء. وإن ملازمته لمعاوية مع تحذيرات الإمام المتكررة له، وعمله في " العراقين " معلمان على خبث طينته ودنسه الذي لم يظهره في عصر الإمام (عليه السلام).
وينبغي الالتفات إلى أن الإمام (عليه السلام) كان يواجه حقائق لا تنكر كغيره من الحكام. وبالنظر إلى ضرورة إدارة المجتمع واستثمار مختلف الطاقات، وبالنظر أيضا إلى معاناة الإمام (عليه السلام) من قلة الأنصار المخلصين فلابد له من تولية زياد وأضرابه، بيد أنه (عليه السلام) كان يقرن ذلك بالإشراف والتحذير، ويراقب الأوضاع بدقة.
وهنا يكمن السر في تحذيراته (عليه السلام) للبعض، ودعوته الناس إلى طاعة البعض الآخر طاعة مطلقة.
4 - كان بعض الأشخاص يعملون مع الإمام (عليه السلام)، لكنهم كانوا لا يوافقونه في بعض مواقفه!! فزياد لم يشترك في حروبه جميعها. وأبو مسعود الأنصاري لم يرغب في الاشتراك في الحروب، وحين نشبت حرب صفين، ولي الكوفة وظل فيها. ويزيد بن قيس الذي عين واليا على إصفهان كان يميل إلى الخوارج، ففرق الإمام (عليه السلام) بينه وبينهم بتعيينه.
هذا كله آية على سماحة الإمام (عليه السلام) من جهة، ومن جهة أخرى معلم على ما ذكرناه آنفا من أنه كان يواجه حقائق في المجتمع لا محيص له منها.