وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء، وهم مقاتلوك ومجاهدوك لا يبقون جهدا، مشاحة على الدنيا، وضنا بما في أيديهم منها، وليس لهم إربة (1) غيرها إلا ما يخدعون به الجهال من الطلب بدم عثمان بن عفان. كذبوا ليسوا بدمه يثأرون، ولكن الدنيا يطلبون، فسر بنا إليهم، فإن أجابوا إلى الحق فليس بعد الحق إلا الضلال، وإن أبوا إلا الشقاق فذلك الظن بهم. والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممن يطاع إذا نهى، ولا يسمع إذا أمر (2).
6735 - وقعة صفين عن هاشم بن عتبة - في جواب استنفار علي (عليه السلام) قبل حرب صفين -: سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وعملوا في عباد الله بغير رضا الله، فأحلوا حرامه وحرموا حلاله، واستولاهم الشيطان ووعدهم الأباطيل ومناهم الأماني، حتى أزاغهم عن الهدى وقصد بهم قصد الردى، وحبب إليهم الدنيا، فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة إنجاز موعود ربنا.
وأنت يا أمير المؤمنين، أقرب الناس من رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحما، وأفضل الناس سابقة وقدما. وهم يا أمير المؤمنين منك مثل الذي علمنا. ولكن كتب عليهم الشقاء، ومالت بهم الأهواء وكانوا ظالمين. فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة، وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة، وأنفسنا تنصرك جذلة (3) على من خالفك وتولى الأمر دونك. والله ما أحب أن لي ما في الأرض مما أقلت، وما تحت السماء مما أظلت، وأني واليت عدوا لك، أو عاديت وليا لك.